نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 2 صفحه : 110
منى فنزل بالأبطح حتى خرج إلى المدينة. و لم يدخل بيتا و لم يظله.
دخوله الكعبة و صلاته بها
و دخل الكعبة بعد ما خلع نعليه، فلما انتهى إلى بابها خلع نعليه. و دخل معه عثمان بن أبي طلحة، و بلال و أسامة بن زيد رضي اللَّه عنهم، فأغلقوا عليهم الباب طويلا ثم فتحوه، و صلّى فيه ركعتين بين الأسطوانتين المقدّمتين، و كان البيت على ستة أعمدة. و قيل: بل كبّر في نواحيه و لم يصلّ.
و روي أنه دخل على عائشة رضي اللَّه عنها حزينا، فقالت: مالك يا رسول اللَّه؟ قال: فعلت اليوم أمر ليتني لم أك فعلته! دخلت البيت، فعسى الرجل من أمتى لا يقدر أن يدخله، فتكون في نفسه حزازة [1]، و إنما أمرنا بالطواف و لم نؤمر بالدخول.
و كسا البيت الحبرات [2]: و كانت الكعبة يومئذ ثمانية عشر ذراعا.
مدة إقامته بمكة
و أقام بمكة يوم الثلاثاء و الأربعاء و الخميس، و كان يوم التروية يوم الجمعة، فخطب قبل التروية بيوم بعد الظهر بمكة. و
قام يوم التروية بين الرّكن و المقام، فوعظ الناس و قال: من استطاع أن يصلّى الظهر بمنى فليفعل.
فصلّى في حجّته هذه صلاة أربعة أيام- و هو مقيم بمكة- حتى خرج إلى منى، و هو في كل ذلك يقصر [3] و لم تكن إقامته هذه إقامة، لأنها ليست له بدار إقامة، [و أنه لم ينو (صلى اللَّه عليه و سلم) أن] [4] يتخذها دار إقامة و لا وطن، و إنما كان مقامه بمكة إلى يوم التروية كمقام المسافر في حاجة يقضيها في سفره منصرفا إلى أهله، فهو مقام من لا نيّة له في الإقامة.
فلم ينو (صلى اللَّه عليه و سلم) جعلها مقامه. بل نوى الخروج منها إلى منى يوم التروية عاملا في حجه حتى ينقضي و ينصرف إلى المدينة.
[1] الحزازة: جمع القلب من غيظ و نحوه. (ترتيب القاموس) ج 1 ص 632 و في (الواقدي) ج 3 ص 1100 «حرارة» و ما أثبتناه من (ابن سعد).