نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 64
مقدمه إلى المدينة
و كان المهاجرون قد استبطئوا قدوم رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، و بلغ الأنصار مخرجه من مكة و قصده إياهم، و كانوا كل يوم يخرجون إلى الحرة ينتظرونه فإذا اشتد الحر عليهم رجعوا، فلما كان يوم الاثنين- الثاني عشر من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من المبعث- وافى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) المدينة حين اشتد الضّحاء [1]، و نزل إلى جانب الحرة و قد عاد المهاجرون و الأنصار بعد ما انتظروه على عادتهم.
فكان بين المبعث إلى أول يوم من المحرم الّذي كانت الهجرة بعده اثنتا عشرة سنة و تسعة أشهر و عشرون يوما، و ذلك ثلاث و خمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
و قيل: قدم (صلى اللَّه عليه و سلم) يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول، و قيل: خرج من الغار يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول و دخل المدينة يوم الجمعة لثنتى عشرة منه حين اشتد الضحاء، و قيل: دخل لهلال ربيع الأول، و قيل: يوم الاثنين لليلتين خلتا منه، و قال ابن شهاب للنصف منه، و ذلك سنة أربع و خمسين من عام الفيل، و هو اليوم العشرون من أيلول سنة ثلاث و ثلاثين و تسعمائة للإسكندر الأكبر (و هو الرابع من تير ماه) [2].
عمره يوم بعثته و هجرته
و قيل: أقام (صلى اللَّه عليه و سلم) بمكة بعد المبعث عشر سنين، منها خمس سنين يخفي ما جاء به، و خمس سنين يعلن بالدعاء إلى اللَّه تعالى. و قيل: بعث و له خمس و أربعون سنة فأقام بمكة عشرا و بالمدينة ثمانيا، و توفي و هو ابن ثلاث و ستين، و هذا قول شاذ.
و لم يختلفوا أنه بعث على رأس أربعين سنة من عمره، و أنه أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، و إنما اختلفوا في إقامته بمكة بعد ما أوحي إليه، و أصح ذلك ما رواه سعيد بن جبير، و عكرمة، و عمرو بن دينار، و أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي، عن ابن عباس أنه قال: مكث رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ثلاث عشرة سنة [3]، و وافق ذلك ما رواه على بن الحسين عن أبيه عن عليّ مثل ذلك، فإن أصح ما قيل: أنه توفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة.