فلما كان العتمة اجتمعوا على باب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه. فلما رآهم (صلى اللَّه عليه و سلم) أمر عليا بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أن ينام على فراشه و يتشح [2] ببرده الحضرميّ الأخضر، و أن يؤدي ما عنده من الودائع و الأمانات و نحو ذلك.
فقام عليّ مقامه (عليه السلام) و غطي ببرد أخضر، فكان أول من شرى نفسه [3] و فيه نزلت: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ[4] و خرج (صلى اللَّه عليه و سلم) و أخذ حفنة من تراب و جعله على رءوسهم و هو يتلو الآيات من:
يس* وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ[5] إلى قوله: فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ[5]. فطمس اللَّه تعالى أبصارهم فلم يروه، و انصرف. و هم ينظرون عليا فيقولون: إن محمدا لنائم، حتى أصبحوا، فقام علي من الفراش [6]، فعرفوه. و أنزل اللَّه تعالى في ذلك:
و سأل أولئك الرهط عليا رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) فقال: لا أدري،
أمرتموه بالخروج فخرج، فضربوه و أخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ثم (دخلوا عليه) [8] فأدى أمانة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم).
هجرة الرسول و أبي بكر
و لما خرج (صلى اللَّه عليه و سلم) أتى أبا بكر فأعلمه أنه يريد الهجرة. و قد جاء أنه أتى أبا بكر بالهاجرة [9] و أمره أن يخرج من عنده، و أعلمه أن اللَّه قد أذن له في الخروج،
فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: الصحبة يا رسول اللَّه؟ قال: الصحبة.