ثم كانت غزوة الفتح. و سببها أن أنس بن زنيم الدّيليّ هجا رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فسمعه غلام من خزاعة فضربه فشجّه، فثار الشّرّ بين بني بكر [حلف قريش]، و بين خزاعة [حلف رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)]. فلما دخل شعبان على رأس اثنين و عشرين شهرا من صلح الحديبيّة- [و قال ابن إسحاق: فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا]- كلمت بنو نفاثة من بني الدّيل أشراف قريش أن يعينوها بالرجال و السلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك. و خرج إليهم صفوان بن أمية و مكرز بن حفص بن الأخيف [2]، و حويطب بن عبد العزّى، و شيبة بن عثمان و سهيل بن عمرو، و أجلبوا معهم أرقّاءهم فبيّتوا- مع بني بكر و رأسهم نوفل بن معاوية الدّؤليّ- خزاعة ليلا و هم آمنون [3]، فقتلوا منهم ثلاثة و عشرين رجلا، و ذلك على ماء يقال له الوتير قريب من مكة، و عامتهم نساء و صبيان و ضعفة الرّجال، حتى أدخلوهم دار بديل بن ورقاء، و قيل: حتى انتهوا بهم إلى أنصاب الحرم [4].
ندم قريش على نقض العهد
و ندمت قريش، و عرفوا أن هذا الّذي صنعوا نقض [5] للمدة و العهد الّذي بينهم و بين رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم). و جاء الحارث بن هشام و جماعة إلى صفوان بن أمية