نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 292
اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) الكلام، و هو يقول: أنا رسوله و لن يضيعني!
و يردد ذلك أبو عبيدة ابن الجراح رضي اللَّه عنه: ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول اللَّه يقول ما يقول! تعوذ باللَّه من الشيطان و اتهم رأيك!. فجعل يتعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم حينا.
كراهية المسلمين الصلح
و كان المسلمون يكرهون الصلح، لأنهم خرجوا و لا يشكون في الفتح لرؤيا رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) أنه حلق رأسه، و أنه دخل البيت فأخذ مفتاح الكعبة و عرّف مع المعرفين، فلما رأوا الصلح داخلهم من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون. فجعل اللَّه عاقبة القضية خيرا- فأسلم في الهدنة أكثر ممن كان أسلم- من يوم دعا رسول اللَّه إلى يوم الحديبيّة-، و ما كان في الإسلام فتح أعظم من الحديبيّة، فإن الحرب كانت قد حجزت بين الناس. فلما كانت الهدنة وضعت الحرب أوزارها، و أمن الناس بعضهم بعضا، و دخل في تلك الهدنة صناديد قريش الذين كانوا يقومون بالشرك، و ما يحدث عمرو بن العاص و خالد بن الوليد و أشباههما، و فشا الإسلام في جميع نواحي العرب. و كانت الهدنة إلى أن نقضوا العهد اثنين و عشرين شهرا.
خبر أبي جندل بن سهيل بن عمرو
و بينما الناس قد اصطلحوا و الكتاب لم يكتب، أقبل أبو جندل بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيّ بن غالب القرشي العامري- و قد أفلت يرسف في القيد متوشح السيف خلال أسفل مكة، فخرج من أسفلها حتى أتى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و هو يكاتب أباه سهيلا، و كان سهيل قد أوثقه في الحديد و سجنه، فخرج من سجن سهيل، و اجتنب الطريق و ركب الجبال حتى هبط بالحديبية. ففرح المسلمون به و تلقوه حين هبط من الجبل فسلموا عليه و آووه، فرفع سهيل رأسه فإذا بابنه أبي جندل، فقام إليه فضرب وجهه بغصن شوك و أخذ بتلبينه [1]. فصاح أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! أ أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ فزاد المسلمين ذلك شرا إلى ما بهم، و جعلوا يبكون لكلام أبي جندل. فقال حويطب بن عبد العزى لمكرز بن حفص: ما رأيت قوما قط أشد حبا لمن دخل معهم من أصحاب محمد لمحمد و بعضهم لبعض! أما إني