حراسة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ثلمة يخافها من الخندق
و كان رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يختلف إلى ثلمة في الخندق يحرسها [2] «فإذا آذاه البرد دخل قبته فأدفأته عائشة رضي اللَّه عنها في حضنها، فإذا دفيء خرج إلى تلك الثلمة يحرسها و يقول:
ما أخشى على الناس إلا منها، فبينا هو ليلة في حضن عائشة قد دفيء و هو يقول: ليت رجلا صالحا يحرسني الليلة، فجاء سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه فقال (صلى اللَّه عليه و سلم): عليك بهذه الثلمة فاحرسها، و نام، و قام (صلى اللَّه عليه و سلم) ليلته في قبته يصلي، ثم خرج فقال: هذه خيل المشركين تطيف بالخندق! ثم نادى: يا عباد ابن بشر، قال: لبيك! قال: معك أحد؟ قال: نعم، أنا في نفر حول قبتك.
فبعثه يطيف بالخندق، و أعلمه بخيل تطيف بهم. ثم قال: اللَّهمّ ادفع عنا شرّهم و انصرنا عليهم، و اغلبهم لا يغلبهم غيرك.
نوبة المشركين عند الخندق
و كان المشركون يتناوبون بينهم: فيغدو أبو سفيان بن حرب في أصحابه يوما، و يغدو خالد بن الوليد يوما، و يغدو عمرو بن العاص يوما، و يغدو هبيرة بن أبي وهب يوما، و يغدو عكرمة بن أبي جهل يوما، و يغدو ضرار بن الخطاب الفهري يوما، فلا يزالون يجيلون خيلهم، و يتفرقون مرة و يجتمعون مرة أخرى، و يناوشون المسلمين، و يقدمون رماتهم فيرمون، و إذا أبو سفيان في خيل يطيفون بمضيق من الخندق، فرماهم المسلمون حتى رجعوا.
طلب المشركين مضيقا من الخندق و ردهم
و كان عباد بن بشر ألزم الناس لقبة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يحرسها. و كان أسيد بن حضير يحرس في جماعة، فإذا عمرو بن العاص في نحو المائة يريدون العبور من الخندق، فرماهم حتى ولوا، و كان المسلمون يتناوبون الحراسة، و كانوا في قرّ شديد و جوع. و كان عمرو بن العاص و خالد بن الوليد كثيرا ما يطلبان غرة، و مضيقا
[1] (الاستيعاب) (لابن عبد البر) ج 12 ص 154 ترجمة رقم 3186 «ابن الأغر».
[2] الثلمة: الموضع الّذي قد انثلم أي انشق (المعجم الوسيط) ج 1 ص 99. في (خ) «و يحرسها».
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 234