و في هذه الغزاة ظهر من أعلام النبوة: ظهور بركة الرسول (صلى اللَّه عليه و سلم) في أكل أصحابه من ثلاث بيضات حتى شبعوا و لم تنقص، و سبق جمل جابر بعد تخلفه، و برء الصبي مما كان به، و قصة الأشاءتين [2]، و قصة غورث [بن الحارث] [3] و قصة الجمل لما برك يشكو.
الخروج إلى الغزوة
و خرج رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ليلة السبت لعشر خلون من المحرم على رأس سبعة و أربعين شهرا، و قدم صرار [4] يوم الأحد لخمس بقين منه، و غاب خمس عشرة ليلة. و سببها أن [قادما- قدم يجلب له] [5] من نجد إلى المدينة- أخبر أن بني أنمار بن بغيض، و بني سعد بن ثعلبة بن ذبيان بن بغيض، قد جمعوا لحرب المسلمين، فخرج (صلى اللَّه عليه و سلم) في أربعمائة، و قيل: في سبعمائة، و قيل: ثمانمائة، و استخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، و بثّ السرايا في طريقه فلم يروا أحدا، ثم قدم محالّهم و قد ذهبوا إلى رءوس الجبال و أطلّوا على المسلمين، فخاف الفريقان بعضهم من بعض.
صلاة الخوف
و صلى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) صلاة الخوف، فكان أوّل ما صلاها يومئذ، و قد خاف أن يغيروا عليه و هم في الصلاة، فاستقبل القبلة و طائفة خلفه و طائفة مواجهة للعدو، فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة و سجدتين ثم ثبت قائما فصلوا خلفه ركعتين و سجدتين ثم سلموا، و جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة و سجدتين،
[1] و تتمه رواية البخاري: «و حدث أبو موسى بهذا، ثم كره ذاك، قال: ما كنت أصنع بأن أذكره، كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.
[2] في (خ) «الأشاتين» و أشاء النخل: صفاره، أو عامته، أشاءة (ترتيب القاموس) ج 1 ص 151.