نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 187
غدري حين بعثت معك بحديدة، و أنتم تريدون قتلي؟ فقالت ماوية: يا خبيب، إنما أمنتك بأمان اللَّه، فقال: ما كنت لأقتله! ثم أخرجوه في الحديد إلى التنعيم [1] و معه النساء و الصبيان و العبيد و جماعة من أهل مكة و معه زيد بن الدّثنّة.
مقتل خبيب
فصلى خبيب ركعتين أتمهما من غير أن يطول فيهما- و كان أول من سن الركعتين عند القتل [2]- ثم قال: اللَّهمّ أحصهم عددا، و اقتلهم بددا، و لا تغادر منهم أحدا. ثم أوثقوه رباطا و قالوا: ارجع عن الإسلام و نخلي سبيلك. فقال: لا إله إلا اللَّه! و اللَّه ما أحب أني رجعت عن الإسلام و أنّ لي ما في الأرض جميعا! قالوا: أ فتحب أن محمدا في مكانك و أنت جالس في بيتك؟ فقال: و اللَّه ما أحب أن يشاك محمد شوكة و أنا جالس في بيتي. فجعلوا يقولون: يا خبيب ارجع! قال: لا أرجع أبدا. قالوا: أما و اللات و العزى لئن لم تفعل لنقتلنك! قال: إن قتلي في اللَّه لقليل [3]، فجعلوا وجهه من حيث جاء، فقال: ما صرفكم وجهي عن القبلة؟ ثم قال: اللَّهمّ إني لا أريد إلا وجه عدو، اللَّهمّ ليس هاهنا أحد يبلغ رسولك عني السلام فبلغه أنت عني السلام،
فقال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)- و هو جالس مع أصحابه و قد أخذته غمية [4]-: و (عليه السلام) و رحمة اللَّه، ثم قال: هذا جبريل يقرئني من خبيب السلام.
ثم أحضروا أبناء من قتل ببدر- و هم أربعون غلاما- فأعطوا كل غلام رمحا فطعنوه برماحهم، فاضطرب على الخشبة، و قد رفعوه إليها. و انفلت فصار [5] وجهه إلى الكعبة فقال: الحمد للَّه [6] فطعنه أبو سروعة- و اسمه عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصيّ- حتى أخرجها من ظهره، فمكث ساعة يوحّد و يشهد أن محمدا رسول اللَّه ثم مات رضي اللَّه عنه، و تولى قتل زيد نسطاس، و قد روي أن غزوة الرجيع كانت قبل
[1] التنعيم: موضع بمكة في الحلّ، و هو بين مكة و سرف على فرسخين من مكة و قيل أربعة (معجم البلدان) ج 2 ص 49.
[2] و كذلك فعلهما حجر ابن الأدبر حين قتله معاوية و قد صلى هاتين الركعتين أيضا زيد بن حارثة مولى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و تفصيل الخبرين في (الروض الأنف) ج 3 ص 325.