نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 145
الآخرون: لم يرد رسول اللَّه هذا. و انطلقوا، فلم يبق منهم مع أميرهم عبد اللَّه ابن جبير إلا دون العشرة، و ذهبوا إلى عسكر المشركين ينتهبون، و كانت الريح أول النهار صبا فصارت دبورا، و بينا المسلمون قد شغلوا بالنهب و الغنائم، إذ دخلت الخيول تنادي فرسانها بشعارهم: يا للعزى [يا لهبل] [1]، و وضعوا في المسلمين السيوف و هم آمنون، و كل منهم في يده أو حضنه شيء قد أخذه، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا، و تفرق المسلمون في كل وجه، و تركوا ما انتهبوا، و خلوا من أسروا، و كرّ خالد بن الوليد و عكرمة بن أبي جهل في الخيل إلى موضع الرماة، فرماهم عبد اللَّه بن جبير بمن معه حتى قتل، فجردوه و مثل به أقبح المثل [2]، و كانت الرماح قد شرعت في بطنه حتى خرقت ما بين سرته إلى خاصرته إلى عانته و خرجت حشوته [3]. و جرح عامة من كان معه، و انتقضت صفوف المسلمين.
قولهم إن محمدا قتل، و انتقاض صفوف المسلمين
و نادى إبليس عند جبل عينين [4]- و قد تصور في صورة جعال بن سراقة-: إن محمدا قد قتل: ثلاث صرخات، فما كانت دولة أسرع من دولة المشركين [5].
اختلاط الأمر على المسلمين، فيقتل بعضهم بعضا
و اختلط المسلمون و صاروا يقتلون، و يضرب بعضهم بعضا، ما يشعرون من العجلة و الدّهش، و جرح أسيد بن حضير جرحين ضربه أحدهما أبو بردة [بن نيار] [6] و ما يدري، و ضرب أبو زعنة [7] أبا بردة ضربتين و ما يشعر و التقت أسياف المسلمين على اليمان [حسيل بن جابر] و هم لا يعرفونه حين اختلطوا، و حذيفة يقول: أبي، أبي!! حتى قتل. فقال حذيفة: يغفر اللَّه لكم و هو أرحم
[1] في (خ) «إذ دخلت الخيول بالهبل تنادي فرسانها بشعارهم يا للعزى».
[2] المثلة: التنكيل و العقوبة (المعجم الوسيط) ج 2 ص 854.
[3] الحشوة: جميع ما في البطن عدا الشحم (المرجع السابق) ج 1 ص 177.