responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 2  صفحه : 615

و منها: ميلك إلى الشي‌ء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك‌

و روحك و مالك، ثم موافقتك له سرّا و جهرا ثم علمك بتقصيرك فى حبه. قال الجنيد:

سمعت الحارث المحاسبى يقول ذلك. و منها: سكر لا يصحو صاحبه إلا بمشاهدة محبوبه، ثم السكر الذي يحصل عند المشاهدة لا يوصف، و أنشد بعضهم:

فأسكر القوم دور الكأس بينهم‌ * * * لكن سكرى نشا من رؤية الساقى‌

و منها: سفر القلب فى طلب المحبوب، و لهج اللسان بذكره على الدوام،

أما سفر القلب فى طلبه فهو الشوق إلى لقائه، و أما لهج اللسان بذكره فلا ريب أن من أحب شيئا أكثر من ذكره.

و منها: الميل إلى ما يوافق الإنسان،

كحب الصور الجميلة و الأصوات الحسنة و غير ذلك من الملاذ التي لا يخلو كل طبع سليم عن الميل إليها لموافقتها له، أو لاستلذاذه بإدراكه بحاسته، أو يكون حبه لذلك لموافقته له من جهة إحسانه إليه و إنعامه عليه، فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، كما رواه أبو نعيم فى الحلية [1] و أبو الشيخ و غيرهما فإذا كان الإنسان يحب من منحه فى دنياه مرة أو مرتين معروفا فانيا منقطعا، أو استنقذه من هلكة أو مضرة لا تدوم، فما بالك بمن منحه منحا لا تبيد و لا تزول و وقاه من العذاب الأليم ما لا يفنى و لا يحول.

و إذا كان المرء يحب غيره على ما فيه من صور جميلة و سيرة حميدة، فكيف بهذا النبيّ الكريم و الرسول العظيم الجامع لمحاسن الأخلاق و التكريم، المانح لنا جوامع المكارم و الفضل العميم، فقد أخرجنا اللّه به من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، و خلصنا به من نار الجهل إلى جنات المعارف و الإيقان، فهو السبب لبقاء مهجنا البقاء الأبدى فى النعيم السرمدى، فأى إحسان أجل قدرا و أعظم خطرا من إحسانه إلينا، فلا منة- و حياته- لأحد بعد اللّه كما له علينا، و لا فضل لبشر كفضله لدينا.


[1] لا أصل له: و الحديث أخرجه أبو نعيم فى «الحلية» (4/ 121).

نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 2  صفحه : 615
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست