نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 596
أيقظنى إلا مسّ الشمس، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك فضرب اللّه على أذنى فما أيقظنى إلا مسّ الشمس، ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمنى اللّه برسالته» [1].
و أما قوله تعالى: وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ[2].
فقد احتج بها جماعة من الفقهاء و المحدثين و المتكلمين المجوزين للصغائر على الأنبياء- صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين- و بظواهر كثيرة من القرآن و الحديث، إن التزموا ظواهرها أفضت بهم- كما قال القاضى عياض- إلى تجويز الكبائر، و خرق الإجماع، و ما لا يقول به مسلم، فكيف و كلما احتجوا به منها مما اختلف المفسرون فى معناه، و تقابلت الاحتمالات فى مقتضاه.
و جاءت الأقاويل فيها للسلف بخلاف ما التزموه من ذلك. فإذا لم يكن مذهبهم إجماعا، و كان الخلاف فيما احتجوا به قديما، و قامت الدلالة على خطأ قولهم، و صحة غيره، وجب تركه و المصير إلى ما صح، انتهى. و قد اختلف فى هذه الآية:
فقال أهل اللغة: الأصل فيه أن الظهر إذا أثقله الحمل سمع له نقيض، أى صوت كصوت المحامل و الرحال، و هذا مثل لما كان يثقل على رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- من أقداره. و قيل: المراد منه تخفيف أعباء النبوة التي يثقل الظهر القيام بأمرها، و حفظ موجباتها، و المحافظة على حقوقها، فسهل اللّه ذلك عليه، و حط عنه ثقلها بأن يسرها عليه حتى تيسرت له. و قيل الوزر: ما كان يكرهه من تغييرهم لسنة الخليل7، و كان لا يقدر على منعهم إلى أن قواه اللّه تعالى و قال له: اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ[3].
و قيل: معناه عصمناك من الوزر الذي أنقض ظهرك لو كان ذلك الذنب حاصلا، فسمى اللّه العصمة «وضعا» مجازا، و من ذلك ما فى الحديث أنه
[1] أخرجه الحاكم عن على، كما فى «كنز العمال» (32135).