نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 534
و المراد بالأميين: العرب، تنبيها لهم على قدر هذه النعمة و عظمها حيث كانوا أميين، لا كتاب لهم، و ليس عندهم شيء من آثار النبوة، كما عند أهل الكتاب، فمنّ اللّه تعالى عليهم بهذا الرسول و بهذا الكتاب، حتى صاروا أفضل الأمم و أعلمهم، و عرفوا ضلالة من ضل قبلهم من الأمم. و فى كونه- صلى اللّه عليه و سلم- منهم فائدتان:
إحداهما: أن هذا الرسول كان أيضا أميّا كأميّة المبعوث إليهم، لم يقرأ كتابا قط و لم يخطه بيمينه، كما قال تعالى: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ[1]، و لا خرج عن ديار قومه فأقام عند غيرهم حتى تعلم منهم، بل لم يزل أميّا بين أمة أمية لا يكتب و لا يقرأ حتى بلغ الأربعين من عمره، ثم جاء بعد ذلك بهذا الكتاب المبين، و هذه الشريعة الباهرة، و هذا الدين القيم الذي اعترف حذاق أهل الأرض و نظارها أنه لم يقرع العالم ناموس أعظم منه، و فى هذا برهان عظيم على صدقه- صلى اللّه عليه و سلم-.
و الفائدة الثانية: التنبيه على أن المبعوث منهم و هم الأميون، و خصوصا أهل مكة، يعرفون نسبه و شرفه و صدقه و أمانته و عفته، و أنه نشأ بينهم معروفا بذلك، و أنه لم يكذب قط، فكيف كان يدع الكذب على الناس ثم يفترى الكذب على اللّه عز و جل؟ هذا هو الباطل. و لذلك سأل هرقل عن هذه الأوصاف و استدل بها على صدقه فيما ادعاه من النبوة و الرسالة.
و قد قال اللّه تعالى خطابا له: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ[2]. و يروى أن رجلا قال: و اللّه يا محمد ما كذبتنا قط فنتهمك اليوم و لكنا إن نتبعك نتخطف من أرضنا، فنزلت هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس. و عن مقاتل: كان الحارث بن عامر يكذب النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم- فى العلانية، فإذا خلا مع أهل بيته قال: ما محمد من أهل الكذب. و يروى أن المشركين كانوا إذا رأوه- صلى اللّه عليه و سلم- قالوا: إنه لنبى. و عن على: قال أبو جهل للنبى- صلى اللّه عليه و سلم-: إنا لا