نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 529
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[1]، و قد علم اللّه تعالى أنه لا يشرك قط، و لكنه خرج هذا الكلام على سبيل التقدير و الفرض، و قال تعالى: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ[2] و قال فى الملائكة: وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ[3] مع أنه تعالى أخبر عنهم بأنهم لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ[4] و بأنهم يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[5]، فكل ذلك خرج على سبيل الفرض و التقدير. و إذا نزلت هذه الآية على أن اللّه تعالى لما أوجب على جميع الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد- صلى اللّه عليه و سلم- لو كانوا فى الأحياء، و أنهم لو تركوا ذلك لكانوا فى زمرة الفاسقين، فلأن يكون الإيمان بمحمد- صلى اللّه عليه و سلم- واجبا على أممهم من باب أولى. فكان صرف هذا الميثاق إلى الأنبياء أقوى فى تحصيل المقصود.
و قال السبكى فى هذه الآية: إنه- صلى اللّه عليه و سلم- على تقدير مجيئهم فى زمانه يكون مرسلا إليهم. فتكون نبوته و رسالته عامة لجميع الخلق، من زمن آدم إلى يوم القيامة، و تكون الأنبياء و أممهم كلهم من أمته، و يكون قوله- صلى اللّه عليه و سلم-:
«و بعثت إلى الناس كافة» لا يختص به الناس فى زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضا، و إنما أخذ له المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المتقدم عليهم، و أنه نبيهم و رسولهم. و فى أخذ المواثيق- و هى فى معنى الاستحلاف، و لذلك دخلت «لام» القسم فى لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ[6] لطيفة: و هى كأنها أيمان البيعة التي تؤخذ للخلفاء، و لعل أيمان الخلفاء أخذت من هنا.
فانظر إلى هذا التعظيم العظيم للنبى- صلى اللّه عليه و سلم- من ربه تعالى، فإذا عرف