نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 511
الأنبياء، بل أفضل خلق اللّه كلهم. و قد روى هذا الحديث- أيضا- الحاكم فى صحيحه عن ابن عباس، لكن بلفظ: «أنا سيد ولد آدم، و على سيد العرب» [1]. و قال: إنه صحيح و لم يخرجاه.
و له شاهد من حديث عروة عن عائشة، و ساقه من طريق أحمد بن عبيد عن ناصح قال: حدثنا الحسين عن علوان- و هما ضعيفان- عن هشام ابن عروة عن أبيه، عن عائشة بلفظ: «ادعوا لى سيد العرب» قالت: فقلت:
يا رسول اللّه أ لست سيد العرب؟ فقال: و ذكره [2]. و كذا أورده من حديث عمر بن موسى الوجيهى- و هو ضعيف أيضا- عن أبى الزبير عن جابر مرفوعا: «ادعوا لى سيد العرب» فقالت عائشة: أ لست بسيد العرب و ذكره.
قال شيخنا: و كلها ضعيفة. بل جنح الذهبى إلى الحكم على ذلك بالوضع.
انتهى.
و لم يقل- صلى اللّه عليه و سلم-: أنا سيد الناس عجبا و افتخارا على من دونه، حاشاه اللّه من ذلك، و إنما قاله- صلى اللّه عليه و سلم- إظهارا لنعمة اللّه تعالى عليه، و إعلاما للأمة بقدر إمامهم و متبوعهم عند اللّه تعالى، و علو منزلته لديه، لتعرف نعمة اللّه عليه و عليهم. و كذا العبد إذ لاحظ ما هو فيه من فيض المدد، و شهده من عين المنة و محض الجود، و شهد مع ذلك فقره إلى ربه فى كل لحظة، و عدم استغنائه عنه طرفة عين أنشأ له ذلك فى قلبه سحائب السرور، فإذا انبسطت هذه السحائب فى سماء قلبه و امتلأ أفقه بها أمطرت عليه وابل الطرب بما هو فيه من لذيذ السرور، فإن لم يصبه وابل فطل، و حينئذ يجرى على لسانه الافتخار من غير عجيب و لا فخر، بل فرح بفضل اللّه و برحمته، كما قال تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا[3] فالافتخار على ظاهره، و الافتخار و الانكسار فى باطنه، و لا ينافى أحدهما الآخر، و إلى هذا المعنى يشير قول العارف الربانى سيد على الوفائى فى قصيدته التي أولها: