نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 509
يلتبس، انتهى. و قد بينت هذه الآية و كذا قوله تعالى: وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ[1]. أن مراتب الرسل و الأنبياء متفاوتة، خلافا للمعتزلة القائلين: بأنه لا فضل لبعضهم على بعض، و فى هاتين الآيتين رد عليهم.
و قال قوم: آدم أفضل لحق الأبوة. و توقف بعضهم فقال: السكوت أفضل. و المعتمد الذي عليه جماهير السلف و الخلف: أن الرسل أفضل من الأنبياء، و كذلك الرسل بعضهم أفضل من بعض بشهادة هاتين الآيتين و غيرهما.
قال بعض أهل العلم- فيما حكاه القاضى عياض-: و التفضيل المراد لهم هنا فى الدنيا، و ذلك بثلاثة أحوال: أن تكون آياته و معجزاته أظهر و أشهر، أو تكون أمته أزكى و أكثر، أو يكون فى ذاته أفضل و أظهر، و فضله فى ذاته راجع إلى ما خصه اللّه تعالى به من كرامته و اختصاصه: من كلام أو خلة أو ما شاء اللّه من ألطافه و تحف ولايته و اختصاصه، انتهى.
فلا مرية أن آيات نبينا- صلى اللّه عليه و سلم- و معجزاته أظهر و أبهر و أكثر و أبقى و أقوى، و منصبه أعلى و دولته أعظم و أوفر و ذاته أفضل و أظهر، و خصوصياته على جميع الأنبياء أشهر من أن تذكر، فدرجته أرفع من درجات جميع المرسلين، و ذاته أزكى و أفضل من سائر المخلوقين. و تأمل حديث الشفاعة فى المحشر، و انتهائها إليه، و انفراده هناك بالسؤدد، كما قال- صلى اللّه عليه و سلم-: «أنا سيد ولد آدم، و أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة» [2] رواه ابن ماجه. و فى حديث أنس عند الترمذى: «أنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربى و لا فخر» [3].
لكن هذا لا يدل على كونه أفضل من آدم، بل من أولاده، فالاستدلال بذلك على مطلق أفضليته- صلى اللّه عليه و سلم- على الأنبياء كلهم ضعيف. و استدل الشيخ سعد