ذلك المنافقون و قالوا: محمد حرم نساء الأولاد، و قد تزوج امرأة ابنه أي لأن زيد بن حارثة كان يقال له زيد بن محمد: أي لأنه (صلى اللّه عليه و سلم) كان تبناه كما تقدم، فأنزل اللّه تعالى:
ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب: الآية 40] و أنزل ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [الأحزاب: الآية 5] فمن حينئذ كان يقال له رضي اللّه تعالى عنه زيد بن حارثة كما تقدم.
و هي أول نسائه (صلى اللّه عليه و سلم) لحوقا به. ماتت رضي اللّه تعالى عنها بالمدينة سنة عشرين، و دفنت بالبقيع و لها من العمر ثلاث و خمسون سنة. و صلى عليها عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، أي فإن عمر رضي اللّه تعالى عنه أرسل إلى زينب رضي اللّه تعالى عنها بالذي لها من العطاء، فسترته بثوب، و أمرت بتفرقته، فكان خمسة و ثمانين درهما، ثم قالت: اللهم لا تدركني عاما لعمر بعد عامي هذا فماتت.
و هي أول من جعل على نعشها قبة، أي بعد فاطمة رضي اللّه تعالى عنها، فلا يخالف ما سبق مما ظاهره أنه فعل لها ذلك.
و في كلام بعضهم أن زينب هذه أول من حمل على نعش، و قيل أول من حمل على نعش فاطمة رضي اللّه تعالى عنها، و كانت عائشة رضي اللّه تعالى عنها تقول في حقها: هي التي كانت تساويني في المنزلة عند رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين و أتقى للّه و أصدق في حديث و أوصل للرحم و أعظم صدقة من زينب رضي اللّه تعالى عنها.
و قال (صلى اللّه عليه و سلم) في حقها: إنها لأواهة، فقال رجل: يا رسول اللّه ما الأواه؟ قال:
الخاشع المتضرع. و هي أول نسائه (صلى اللّه عليه و سلم) لحوقا به كما تقدم. و قال له (صلى اللّه عليه و سلم) بعض نسائه: أينا أسرع بك لحوقا؟ قال: أطولكن يدا، فأخذن قصبة يذرعنها، و في لفظ عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فكانت سودة رضي اللّه تعالى عنها أطولهن، فلما ماتت زينب رضي اللّه تعالى عنها، أي و كانت امرأة قصيرة علموا أن المراد بطول اليد الصدقة، لأنها كانت تعمل و تتصدق لا الجارحة و ما في البخاري من أنها سودة، قال ابن الجوزي: غلط من بعض الرواة.
و العجب من البخاري (رحمه اللّه) كيف لم ينبه عليه و لا علم بفساد ذلك الخطأ، فإنه قال: لحوق سودة به (صلى اللّه عليه و سلم) من أعلام النبوة و كل ذلك و هم، و إنما هي زينب فإنها كانت أطولهن يدا بالعطاء. و جمع الطيبي (رحمه اللّه) بأنه يمكن أن يقال إن سودة رضي اللّه تعالى عنها أوّل نسائه (صلى اللّه عليه و سلم) موتا التي اجتمعن عند موته، و كانت زينب رضي اللّه تعالى عنها غائبة.