responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة الحلبية نویسنده : أبو الفرج الحلبي الشافعي    جلد : 3  صفحه : 278

كذبت على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و إنما أخذت بثأر عمك الفاكه، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم):

مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي، فو اللّه لو كان لك أحد ذهبا فأنفقته في سبيل اللّه ما أدركت غدوة رجل منهم و لا روحته، أي و الغدوة: السير في أول النهار إلى الزوال.

و الروحة: السير من الزوال إلى آخر النهار.

و المراد بأصحابه هنا السابقون إلى الإسلام و منهم عبد الرحمن بن عوف، بل هو المراد كما تصرح به الرواية الآتية، فقد نزّل (صلى اللّه عليه و سلم) الصحابة غير السابقين الذين يقع منهم الرد على الصحابة غير السابقين- لكون ذلك لا يليق بهم- منزلة غير الصحابة.

قال: و لما عاب عبد الرحمن على خالد الفعل المذكور أعان عبد الرحمن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما، و أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) أعرض عن خالد و قال: يا خالد ذر أصحابي. و في رواية: «لا تسب أصحابي لو كان لك ذهبا فأنفقته قيراطا قيراطا في سبيل اللّه لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن» انتهى.

أي و لا يخفى أنه يبعد أن خالد بن الوليد رضي اللّه تعالى عنه إنما قتلهم لقولهم صبأنا و لم يقولوا أسلمنا، إلا أن يقال: يجوز أن يكون خالد فهم أنهم قالوا ذلك على سبيل الأنفة و عدم الانقياد إلى الإسلام، و أنه (صلى اللّه عليه و سلم) إنما أنكر عليه العجلة و ترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا، ثم لا يخفى أنه جاء:

«لا تسبوا أصحابي، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم و لا نصيفه» و نقل الإمام السبكي عن الشيخ تاج الدين بن عطاء اللّه: فإنه كان يحضر مجلس وعظه أن قوله (صلى اللّه عليه و سلم): «لا تسبوا أصحابي كان خطايا لمن يأتي بعده من أمته، لأنه (صلى اللّه عليه و سلم) كان له تجليات، فرأى في بعضها سائر أمته الآتين من بعده، فقال خطابا لهم: لا تسبوا أصحابي، و ارتضي منه هذا التأويل اه. فالنهي و الخطاب بلا تسبوا أصحابي لغير الصحابة تنزيلا للغائب الذي لم يوجد منزلة الموجود الحاضر. و فيه أن هذا لا يساعد عليه المقام.

و في الحديث من التنويه برفعة الصحابة و علو منزلتهم ما يقطع الأطماع عن مداناتهم، فإن كون ثواب إنفاق مثل جبل أحد ذهبا في وجه الخير لا يبلغ ثواب التصديق بنصف المدّ الذي إذا طحن و عجن لا يبلغ الرغيف المعتاد أمر عظيم.

أقول: و وقع لخالد رضي اللّه تعالى عنه نظير ذلك في زمن خلافة الصديق فإن العرب لما ارتدت بعد موته (صلى اللّه عليه و سلم) عين خالدا لقتال أهل الردة و كان من جملتهم مالك بن نويرة، فأسره خالد هو و أصحابه، و كان الزمن شديد البرد، فنادى منادي خالد: أن أدفئوا أسراكم، فظن القوم أنه أراد ادفنوا أسراكم: أي اقتلوهم، فقتلوهم، و قتل مالك بن نويرة، فلما سمع خالد بذلك، قال: إذا أراد اللّه أمرا أمضاه، و تزوج‌

نام کتاب : السيرة الحلبية نویسنده : أبو الفرج الحلبي الشافعي    جلد : 3  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست