باب عرض رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) نفسه على القبائل من العرب أن يحموه و يناصروه على ما جاء به من الحق
أي لأنه (صلى اللّه عليه و سلم) أخفى رسالته ثلاث سنين، ثم أعلن بها في الرابعة على ما تقدم، و دعا إلى الإسلام عشر سنين يوافي الموسم كل عام، يتبع الحجاج في منازلهم أي بمنى و الموقف يسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، و يسأل عن منازلهم و يأتي إليهم في أسواق المواسم، و هي: عكاظ، و مجنة، و ذو المجاز، فقد تقدم أن العرب كانت إذا حجت تقيم بعكاظ شهر شوّال، ثم تجيء إلى سوق مجنة تقيم فيه عشرين يوما، ثم تجيء سوق ذي المجاز فتقيم به إلى أيام الحج يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه.
فعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه تعالى عنه قال «كان النبي (صلى اللّه عليه و سلم) يعرض نفسه على الناس في الموقف و يقول: أ لا رجل يعرض عليّ قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي» و عن بعضهم «رأيت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) قبل أن يهاجر إلى المدينة يطوف على الناس في منازلهم أي بمنى يقول: يا أيها الناس إن اللّه يأمركم أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا، و وراءه رجل يقول يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، فسألت من هذا الرجل؟ فقيل أبو لهب يعني عمه».
و في رواية عن أبي طارق رضي اللّه تعالى عنه قال: رأيت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) بسوق ذي المجاز يعرض نفسه على قبائل العرب يقول: «يا أيها الناس قولوا لا إله إلا اللّه تفلحوا، و خلفه رجل له غديرتان» أي ذؤابتان «يرجمه بالحجارة حتى أدمي كعبه يقول يا أيها الناس لا تسمعوا منه فإنه كذاب، فسألت عنه، فقيل إنه غلام عبد المطلب، فقلت و من الرجل الذي يرجمه؟ فقيل هو عمه عبد العزى يعني أبا لهب».
أي و في السيرة الهشامية عن بعضهم قال: إني لغلام شاب مع أبي بمنى و رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) يقف في منازل القبائل من العرب فيقول: يا بني فلان إني رسول اللّه إليكم، يأمركم أن تعبدوا اللّه و لا تشركوا به شيئا، و أن تخلعوا ما تعبدون من دونه