responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة الحلبية نویسنده : أبو الفرج الحلبي الشافعي    جلد : 2  صفحه : 247

و عن قتادة رضي اللّه عنه أحياهم اللّه تعالى حتى سمعوا كلام رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) توبيخا لهم و تصغيرا و نقمة و حسرة.

أقول: و المراد بإحيائهم شدة تعلق أرواحهم بأجسادهم حتى صاروا كالأحياء في الدنيا للغرض المذكور؛ لأن الروح بعد مفارقة جسدها يصير لها تعلق به، أو بما يبقى منه و لو عجب الذنب فإنه لا يفنى و إن اضمحل الجسم بأكل التراب، أو بأكل السباع أو الطير أو النار، و بواسطة ذلك التعلق يعرف الميت من يزوره و يأنس به و يردّ سلامه إذا سلم عليه كما ثبت في الأحاديث. و الغالب أن هذا التعلق لا يصير الميت به حيا كحياته في الدنيا، بل يصير كالمتوسط بين الحي و الميت الذي لا تعلق لروحه بجسده، و قد يقوى حتى يصير كالحي في الدنيا، و لعله مع ذلك لا يكون فيه القدرة على الأفعال الاختيارية، فلا يخالف ما حكي عن السعد اتفقوا على أنه تعالى لم يخلق في الميت القدرة و الأفعال الاختيارية هذا كلامه، و الكلام في غير الأنبياء عليهم الصلاة و السلام و الشهداء رضي اللّه عنهم: أي شهداء المعركة، أما هما فتعلق أرواحهم بأجسادهم تصير به أجسادهم حية كحياتها في الدنيا و يكون لهم القدرة و الأفعال الاختيارية.

فقد روى البيهقي (رحمه اللّه) في الجزء الذي ألفه في حياة الأنبياء عليهم الصلاة و السلام في قبورهم عن أنس رضي اللّه تعالى عنه أن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) قال «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون «و جاء» إن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة».

و روى أبو يعلى عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه «لينزلن عيسى ابن مريم (عليه السلام)، ثم إن قام على قبري و قال: يا محمد لأجبته» و من ثم قال الإمام السبكي: حياة الأنبياء و الشهداء كحياتهم في الدنيا، و يشهد له صلاة موسى (عليه السلام) في قبره، فإن الصلاة تستدعي جسدا حيا، و كذا الصفات المذكورة في الأنبياء ليلة الإسراء كلها صفات الأجسام.

و لا يلزم من كونها حياة حقيقية أن تكون الأبدان معها كما كانت في الدنيا من الاحتياج إلى الطعام و الشراب، و أما الادراكات كالعلم و السمع فلا شك أن ذلك ثابت لهم و لسائر الموتى، هذا كلامه و سائر الموتى شامل للكفار، أي و أكل الشهداء و شربهم في البرزخ لا عن احتياج بل لمجرد الإكرام، و كون الشهداء اختصوا بذلك دون الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لا مانع منه، لأن المفضول قد يخص بما لا يوجد في الفاضل، أ لا ترى أن الأنبياء عليهم الصلاة و السلام شرعت الصلاة عليهم وجوبا و حرمت على الشهداء، و بهذا يردّ قول بعضهم في الاستدلال على حياة الأنبياء بقوله تعالى‌ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) [آل عمران: الآية 169] و الأنبياء أولى بذلك لأنهم أجلّ و أعظم، و ما من نبي إلا و قد جمع بين‌

نام کتاب : السيرة الحلبية نویسنده : أبو الفرج الحلبي الشافعي    جلد : 2  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست