و قد يقال: مرادهم بالمقاتلة يوم أحد المدافعة من غير أن يوقعوا فعلا، و في يوم بدر المراد بالمقاتلة إيقاع الفعل، و اللّه أعلم.
و انكسر سيف عكاشة بتشديد الكاف أكثر من تخفيفها- ابن محصن و هو يقاتل به فأعطاه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) جذلا من حطب: أي أصلا من أصول الحطب و قال له قاتل بهذا يا عكاشة، فلما أخذه من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) هزه فعاد في يده سيفا، طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديد، فقاتل به رضي اللّه عنه حتى فتح اللّه تعالى على المسلمين، و كان ذلك السيف يسمى العون.
ثم لم يزل عند عكاشة و شهد به المشاهد كلها مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم). ثم لم يزل متوارثا عند آل عكاشة. و عكاشة، مأخوذ من عكش على القوم: إذا حمل عليهم، و العكاشة: العنكبوت، و سيأتي مثل ذلك في أحد لعبد اللّه بن جحش.
و انكسر سيف سلمة بن أسلم رضي اللّه عنه فأعطاه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) قضيبا كان في يده: أي عرجونا من عراجين النخل و قال: اضرب به، فإذا هو سيف جيد فلم يزل عنده.
قال: و عن خبيب بن عبد الرحمن قال «ضرب خبيب جدي يوم بدر فمال شقه، فتفل عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و لأمه و رده فانطبق».
و عن رفاعة بن مالك رضي اللّه عنه قال «لما كان يوم بدر رميت بسهم ففقئت عيني، فبصق عليها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و دعا لي، فما آذاني منها شيء» ا ه.
ثم أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) بالقتلى من المشركين أن ينقلوا من مصارعهم التي أخبر بها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) قبل وجودها؟ فعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه «أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) كان يرينا مصارع أهل بدر يقول: هذا مصرع عتبة بن ربيعة، و هذا مصرع شيبة بن ربيعة، و هذا مصرع أمية بن خلف، و هذا مصرع أبي جهل بن هشام، و هذا مصرع فلان غدا إن شاء اللّه تعالى، أي و يضع (صلى اللّه عليه و سلم) يده الشريفة على الأرض، فما تنحى أحدهم عن موضع يده» كما تقدم عن أنس، و تقدم عنه أن ذلك كان ليلة بدر بعد أن وصل إلى محل الوقعة، إذ لا يتصور وضع يده على الأرض إلا إذا كان بمحل الوقعة.
و به يعلم ما ذكره بعضهم أن إخباره (صلى اللّه عليه و سلم) بمصارع القوم تكرر منه مرتين قبل الوقعة بيوم أو أكثر و يوم الوقعة، هذا كلامه، إلا أن يقال قوله يوم الوقعة هو بناء على أنه (صلى اللّه عليه و سلم) وصل بدرا في النهار. و القول بأن ذلك كان ليلا بناء على أنه وصل بدرا ليلا. و معلوم أنه إنما وضع يده في محل الوقعة.
ثم أمر (صلى اللّه عليه و سلم) أن يطرحوا فطرحوا في القليب، إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه