باب ذكر حمل أمه به (صلى اللّه عليه و سلم) و على جميع الأنبياء و المرسلين
عن الزهري (رحمه اللّه تعالى) قال: قالت آمنة: لقد علقت به (صلى اللّه عليه و سلم) فما وجدت له مشقة حتى وضعته. و عنها أنها كانت تقول: ما شعرت بفتح أوله و ثانيه: أي ما علمت بأني حملت به، و لا وجدت له ثقلا بفتح القاف كما تجد النساء إلا أني أنكرت رفع حيضتي بكسر الحاء: الهيئة التي تلزمها الحائض من التجنب. و أما بالفتح فالمرة الواحدة من دفعات الحيض: أي و الذي ينبغي أن يكون الثاني هو المراد أن بعضهم نقل أن الحيضة بالكسر اسم للحيض، قالت: و ربما ترفعني و تعود: أي فلم يكن رفعها دليلا على الحمل: أي و هذا ربما يفيد أن حيضها تكرر قبل حملها به (صلى اللّه عليه و سلم) و لم أقف على مقدار تكرره.
و قد ذكر أن مريم (عليها السلام) حاضت قبل حملها بعيسى عليه الصلاة و السلام حيضتين، قالت آمنة: و أتاني آت أي من الملائكة و أنا بين النائمة و اليقظانة، و في رواية بين النائم: أي الشخص النائم و اليقظان، فقال: هل شعرت بأنك قد حملت بسيد هذه الأمة و نبيها؟ أي و في رواية بسيد الأنام: أي اعلمي ذلك، و أمهلني حتى دنت ولادتي أتاني فقال قولي أي إذا ولدتيه: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد.
أي ثم سميه محمدا فإن اسمه في التوراة و الإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء و أهل الأرض، و في القرآن محمد أي و القرآن كتابه، و سيأتي عن محمد الباقر رضي اللّه تعالى عنه أن تسميه أحمد. قال بعضهم: و يذكر بعد هذا البيت أبيات لا أصل لها. و إذا ثبت أنها قالت له ذلك بعد ولادته كان دليلا لما يقوله بعض الناس أن آمنة رقت النبي (صلى اللّه عليه و سلم) من العين.
أقول: ظاهر هذا السياق أنها لم تعلم بحملها إلا من قول الملك لأنها لم تجد ما تستدل به على ذلك لأنها لم تجد ثقلا، و عادتها أن حيضها ربما عاد بعد عدم وجوده في زمنه المعتاد لها: أي و لم تعوّل على مفارقة النور لعبد اللّه و انتقال النور إلى وجهها على ما ذكر بعضهم. ففي كلام هذا البعض: لما فارق النور وجه عبد اللّه انتقل إلى وجه آمنة، و لا على خروج النور منها مناما أو يقظة بناء على أنه غير الحمل على ما يأتي لخفاء دلالة ما ذكر على ذلك، و لعل أباه (صلى اللّه عليه و سلم) عبد اللّه لم يبلغها قول المرأة التي عرضت نفسها عليه اذهب فأخبرها أنها حملت بخير أهل الأرض، و الثقل في ابتداء الحمل الذي حمل عليه بعض الروايات كما سيأتي يجوز أن يكون بعد إخبار الملك لها. لكن في المواهب في رواية عن كعب رضي اللّه تعالى عنه أن