تابع في ذلك لابن عبد البر حيث قال في الاستيعاب: حليمة السعدية أم النبي (صلى اللّه عليه و سلم) من الرضاعة جاءت إليه يوم حنين، فقام لها و بسط لها رداءه فجلست عليه و روت عنه: و روى عنها عبد اللّه بن جعفر، ثم قال حذافة أخت النبي (صلى اللّه عليه و سلم) من الرضاعة يقال لها الشيماء، أغارت خيل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) على هوازن، فأخذوها فيما أخذوا من السبي الحديث، و كون عبد اللّه بن جعفر روى عن حليمة.
قال الحافظ ابن حجر: لا يتهيأ له السماع منها إلا بعد الهجرة بسبع سنين فأكثر، لأنه قدم من الحبشة مع أبيه الذي هو جعفر بن أبي طالب في خيبر سنة سبع، و تبعد حياتها و بقاؤها إلى ذلك الزمن.
و فيه أن حنينا بعد خيبر، و أبعد من ذلك وقوفها على أبي بكر و عمر، و قد تقدم ما يشعر باستبعاد ذلك عن ابن كثير.
و الذي يتجه أن الوافدة عليه في حنين أخته لا أمه كما يقول الحافظ الدمياطي، و اللّه أعلم. قال: قال أبو الفرج بن الجوزي: ثم قدمت، أي حليمة، عليه بعد النبوة فأسلمت و بايعت أي فلا يقال: سلمنا أن حليمة هي القادمة عليه: أي بعد النبوة، فما الدليل على إسلامها ا ه.
أقول: كان من حقه أن يقول بدل هذه العبارة التي ذكرها و إنما قال يعني ابن الجوزي فأسلمت بعد قوله قدمت عليه بعد النبوة لأنه لا يلزم من قدومها عليه بعد النبوة إسلامها. و في كون قول ابن الجوزي فأسلمت دليلا على إسلامها نظر، بل هي دعوى تحتاج إلى دليل، إلا أن يقال: قول ابن الجوزي فأسلمت دليل لنا على إسلامها: و اللّه أعلم.
و ذكر الذهبي أن التي وفدت عليه (صلى اللّه عليه و سلم) في الجعرانة يجوز أن تكون ثويبة، و نظر فيه بأن ثويبة توفيت سنة سبع: أي من الهجرة أي مرجعه من خيبر على ما تقدم.
أقول ذكر في النور أن الحافظ مغلطاي له مؤلف في إسلام حليمة سماه:
التحفة الجسيمة في إسلام حليمة.
و ذكر بعضهم أنه (صلى اللّه عليه و سلم) لم ترضعه مرضعة إلا و أسلمت، لكن هذا البعض قال:
و مرضعاته (صلى اللّه عليه و سلم) أربع: أمه و حليمة السعدية و ثويبة و أم أيمن أيضا.
و هو يؤيد ما تقدم عن ابن منده من إسلام ثويبة: و أما إسلام آمنة فسنذكره، و كون أم أيمن أرضعته (صلى اللّه عليه و سلم) تقدم ما فيه، و اللّه سبحانه و تعالى أعلم.