[مريم: الآية 29] قال لهم ما قصة اللّه سبحانه و تعالى، ثم رأيتني في الكلام على قصة الإسراء و المعراج ذكرت ذلك، و أن عيسى تكلم يوم ولادته، قال لابن خال أمه يوسف النجار و قد خرج في طلب أمه و قد خرجت لما أخذها ما يأخذ النساء من الطلق عند الولادة خارج بيت المقدس، و جلست تحت نخلة يابسة، فاخضرت النخلة من ساعتها و تدلت عراجينها و جرت من تحتها عين ماء و وضعته تحتها: أبشر يا يوسف و طب نفسا و قر عينا، فقد أخرجني ربي من ظلمة الأرحام إلى ضوء الدنيا، و سآتي بني إسرائيل و أدعوهم إلى طاعة اللّه، فانصرف يوسف إلى زكريا عليه الصلاة و السلام و أخبره بولادة مريم و قول ولدها ما ذكر (صلى اللّه عليه و سلم).
و في النطق المفهوم أن عيسى عليه الصلاة و السلام كلم يوسف المذكور و هو في بطن أمه.
فقد قيل: إنه أول من علم بحمل مريم (عليها السلام)، فقال لها مقرعا لها: يا مريم هل تنبت الأرض زرعها من غير بذر؟ و هل يكون ولد من غير فحل؟ فقال له عيسى عليه الصلاة و السلام و هو في بطن أمه: قم فانطلق إلى صلاتك، و استغفر اللّه مما وقع في قلبك.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن عيسى عليه الصلاة و السلام تكلم في المهد ثلاث مرات ثم لم يتكلم حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان عادة: أي و لعل المرة الثالثة هي التي حمد اللّه فيها بحمد لم تسمع الآذان مثله، فقال: اللهم أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك، الرفيع على كل شيء من خلقك، حارت الأبصار دون النظر إليك.
و مبري جريج تكلم كذلك أي في بطن أمه، قيل له: من أبوك، فقال الراعي عبد بني فلان، و تكلم بعد خروجه من بطن أمه، فقد تكلم مرتين مرة في بطن أمه و مرة و هو طفل كذا في «النطق المفهوم» و لم أقف على وقت كلامه، و لا على ما تكلم به حينئذ.
و أما يحيى عليه الصلاة و السلام فتكلم و هو ابن ثلاث سنين، قال لعيسى:
أشهد أنك عبد اللّه و رسوله.
و الخليل تكلم وقت ولادته، و سيأتي ما تكلم به، و في كون ابن ثلاث سنين و في كون من تكلم وقت ولادته يكون في المهد نظر، إلا أن يكون المراد بالتكلم في المهد التكلم في غير أوان الكلام.
و لم أقف على سن من تكلم في المهد حين تكلم غير من ذكر و غير الطفل الذي لذي الأخدود، فإنه لما جيء بأمه لتلقي في نار الأخدود لتكفر و هو معها مرضع: فتقاعست قال لها: يا أماه اصبري فإنك على الحق: قال ابن قتيبة: كان سنه