أو أمحلوا أخصبوا منها و قد ملئت* * * قوتا لحاضره منهم و باديه
و قد قيل فيه:
قل للذي طلب السماحة و الندى* * * هلا مررت بآل عبد مناف
الرائشون و ليس يوجد رائش* * * و القائلون هلمّ للأضياف
و عن بعض الصحابة قال: رأيت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و أبا بكر رضي اللّه تعالى عنه على باب بني شيبة فمر رجل و هو يقول:
يا أيها الرجل المحوّل رحله* * * أ لا نزلت بآل عبد الدار
هبلتك أمك، لو نزلت برحلهم* * * منعوك عن عدم و من إقتار
فالتفت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) إلى أبي بكر رضي اللّه عنه فقال: أ هكذا قال الشاعر؟
قال: لا و الذي بعثك بالحق، و لكنه قال:
يا أيها الرجل المحول رحله* * * أ لا نزلت بآل عبد مناف
هبلتك أمك لو نزلت برحلهم* * * منعوك من عدم و من اقراف
الخالطين غنيهم بفقيرهم* * * حتى يعود فقيرهم كالكافي
فتبسم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و قال: هكذا سمعت الرواة ينشدونه، و كان هاشم بعد أبيه عبد مناف على السقاية و الرفادة، فكان يعمل الطعام للحجاج، يأكل منه من لم يكن له سعة و لا زاد، و يقال لذلك الرفادة.
و اتفق أنه أصاب الناس سنة جدب شديد فخرج هاشم إلى الشام، و قيل بلغه ذلك و هو بغزة من الشام، فاشترى دقيقا و كعكا و قدم به مكة في الموسم، فهشم الخبز و الكعك و نحر الجزر و جعله ثريدا، و أطعم الناس حتى أشبعهم، فسمي بذلك هاشما. و كان يقال له أبو البطحاء و سيد البطحاء.
قال بعضهم: لم تزل مائدته منصوبة لا ترفع في السراء و الضراء.
قال ابن الصلاح: روينا عن الإمام سهل الصعلوكي رضي اللّه عنه أنه قال في قوله (صلى اللّه عليه و سلم): «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» أراد فضل ثريد عمرو العلا، الذي عظم نفعه و قدره، و عم خيره و بره، و بقي له و لعقبه ذكره. و قد أبعد سهل في تأويل الحديث.