25، 0 م و متوسط عرضها 30، 0 م و تسمى بالشاذروان، و هي من أصل البيت لكن قريشا تركتها [1].
السيرة الإجمالية قبل النبوة
إن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات، و كان طرازا رفيعا من الفكر الصائب، و النظر السديد، و نال حظا وافرا من حسن الفطنة و أصالة الفكرة و سداد الوسيلة و الهدف، و كان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل و إدمان الفكرة و استكناء الحق، و طالع بعقله الخصب و فطرته الصافية صحائف الحياة و شئون الناس و أحوال الجماعات، فعاف ما سواها من خرافة، و نأى عنها، ثم عايش الناس على بصيرة من أمره و أمرهم، فما وجد حسنا شارك فيه، و إلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر، و لا يأكل مما ذبح على النصب، و لا يحضر للأوثان عيدا، و لا احتفالا، بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها، و حتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات و العزى [2].
و لا شك أن القدر حاطه بالحفظ، فعند ما تتحرك نوازع النفس لاستطاع بعض متع الدنيا، و عند ما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه و بينها، روى ابن الأثير: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين، كل ذلك يحول اللّه بيني و بينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة و أسمر بها كما يسمر الشباب! فقال: أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع. فضرب اللّه على أذني فنمت، فما أيقظني إلا حر الشمس. فعدت إلى صاحبي فسألني، فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك، و دخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة ... ثم ما هممت بسوء» [3].
[1] انظر في تفصيل بناء الكعبة ابن هشام 12/ 192 إلى 197، و فقه السيرة لمحمد الغزالي ص 62، 63، و صحيح البخاري باب فضل مكة و بنيانها 1/ 215، و محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 64، 65.
[2] يدل عليه كلامه مع بحيرا. انظر ابن هشام 1/ 128.
[3] اختلفوا في صحة هذا الحديث فصححه الحاكم و الذهبي و ضعفه ابن كثير في البداية و النهاية 2/ 287.