الظفر في أول النهار لقيس على كنانة، حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس. و سميت بحرب الفجار لانتهاك حرمات الحرم و الأشهر الحرم فيها، و قد حضر هذه الحرب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و كان ينبل على عمومته، أي يجهز لهم النبل للرمي [1].
حلف الفضول
و على أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول في ذي القعدة في شهر حرام، تداعت إليه قبائل من قريش: بنو هاشم، و بنو المطلب، و أسد بن عبد العزى، و زهرة بن كلاب، و تيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبد اللّه بن جدعان التيمي لسنه و شرفه، فتعاقدوا و تعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها و غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، و كانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، و شهد هذا الحلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و قال بعد أن أكرمه اللّه بالرسالة: لقد شهدت في دار عبد اللّه بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، و لو أدعي به في الإسلام لأجبت [2].
و هذا الحلف روحه تنافي الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها، و يقال في سبب هذا الحلف إن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة، و اشتراها منه العاص بن وائل السهمي، و حبس عنه حقه، فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار، و مخزوما، و جمحا، و سهما، و عديا، فلم يكثروا له، فعلا جبل أبي قبيس، و نادى بأشعار يصف فيها ظلامته رافعا صوته، فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب، و قال: ما لهذا مترك؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف الفضول، فقاموا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي بعد ما أبرموا الحلف [3].
حياة الكدح
و لم يكن له (صلّى اللّه عليه و سلم) عمل معين في أول شبابه، إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غنما، رعاها في بني سعد [4]، و في مكة لأهلها على قراريط [5] و في الخامسة و العشرين من
[1] ابن هشام 1/ 184، 185، 186، 187، قلب جزيرة العرب ص 260، محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 63.
[2] ابن هشام 1/ 113، 135، مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد اللّه النجدي ص 30، 31.