غير طريقه فقتلا جميعا، و أما سفهاء قريش فلقيهم خالد و أصحابه بالخندمة فناوشوهم شيئا من قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلا فانهزم المشركون، و انهزم حماس بن قيس- الذي كان يعد السلاح لقتال المسلمين- حتى دخل بيته، فقال لامرأته: أغلقي علي بابي. فقالت: و أين ما كنت تقول؟ فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمة* * * إذ فر صفوان و فر عكرمة
و استقبلتنا بالسيوف المسلمة* * * يقطعن كل ساعد و جمجمة
ضربا فلا يسمع إلا غمغمة* * * لهم نهيت خلفنا و همهمه [1]
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
و أقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على الصفا.
و أما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) الحجون عند مسجد الفتح، و ضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) يدخل المسجد الحرام و يطهره من الأصنام
ثم نهض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و المهاجرون و الأنصار بين يديه و خلفه و حوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، و في يده قوس، و حول البيت و عليه ثلاثمائة و ستون صنما، فجعل يطعنها بالقوس، و يقول: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ، إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [الإسراء: 81] جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ [سبأ: 49] و الأصنام تتساقط على وجوهها.
و كان طوافه على راحلته، و لم يكن محرما يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت، فدخلها، فرأى فيها الصور، و رأى فيها صورة إبراهيم و إسماعيل- (عليهما السلام)- يستقسمان بالأزلام، فقال:
«قاتلهم اللّه، و اللّه ما استقسما بها قط. و رأى في الكعبة حمامة من عيدان، فكسرها بيده، و أمر بالصور فمحيت».
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) يصلي في الكعبة ثم يخطب أمام قريش
ثم أغلق عليه الباب، و على أسامة و بلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب، حتى إذا كان بينه و بينه ثلاثة أذرع وقف، و جعل عمودا عن يساره، و عمودا عن يمينه، و ثلاثة