صاحباه أبو بكر و عمر، فعمماه و ألبساه، فتدجج بسلاحه، و ظاهر بين درعين- أي لبس درعا فوق درع- و تقلد السيف، ثم خرج على الناس.
و كان الناس ينتظرون خروجه، و قد قال لهم سعد بن معاذ و أسيد بن حضير:
استكرهتم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على الخروج، فردوا الأمر إليه، فندموا جميعا على ما صنعوا، فلما خرج قالوا له: يا رسول اللّه ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «ما ينبغي لنبيّ إذا لبس لأمته- و هي الدرع- أن يضعها، حتى يحكم اللّه بينه و بين عدوه [1]».
و قسم النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) جيشه إلى ثلاث كتائب:
1- كتيبة المهاجرين، و أعطى لواءها مصعب بن عمير العبدري.
2- كتيبة الأوس من الأنصار، و أعطى لواءها أسيد بن حضير.
3- كتيبة الخزرج من الأنصار، و أعطى لواءها الحباب بن المنذر.
و كان الجيش متألفا من ألف مقاتل، فيهم مائة دارع و خمسون فارسا [2]، و قيل لم يكن من الفرسان أحد، و استعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة، و أذن بالرحيل، فتحرك الجيش نحو الشمال، و خرج السعدان أمام النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) يعدوان دراعين.
و لما جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة التسليح منفردة عن سواد الجيش، فسأل عنها، فأخبر أنهم اليهود من حلفاء الخزرج [3]، يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين، فسأل: هل أسلموا؟ فقالوا: لا. فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك.
استعراض الجيش:
و عند ما وصل إلى مقام يقال له: (الشيخان) استعرض جيشه، فرد من استصغره و لم يره مطيقا للقتال، و كان منهم عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، و أسامة بن زيد، و أسيد بن
[2] قاله ابن القيم في الهدى 2، 92. و قال ابن حجر: هو غلط بين. و قد جزم موسى بن عقبة بأنه لم يكن معهم في أحد شيء من الخيل، و وقع عند الواقدي كان معهم فرس لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و فرس لأبي بردة (فتح الباري 7/ 350).
[3] روى ذلك ابن سعد و فيه أنهم من بني قينقاع (2/ 34) و معلوم أن بني قينقاع كان قد تم إجلاؤهم عقب بدر.