قميصه، و هو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة، اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث.
أهل مكة يتجهزون للغزو
فتحفز الناس سراعا، و قالوا: أ يظن محمد و أصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟
كلا، و اللّه ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين رجلين، إما خارج، و إما باعث مكانه رجلا، و أوعبوا في الخروج، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوض عنه رجلا كان له عليه دين، و حشدوا من حولهم من قبائل العرب، و لم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج منهم أحد.
قوام الجيش المكي
و كان قوام هذا الجيش نحو ألف و ثلاثمائة مقاتل في بداية سيره، و كان معه مائة فرس و ستمائة درع، و جمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط، و كان قائده العام أبا جهل بن هشام، و كان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش، فكانوا ينحرون يوما تسعا و يوما عشرا من الإبل.
مشكلة قبائل بني بكر
و لما أجمع هذا الجيش على المسير، ذكرت قريش ما كان بينها و بين بني بكر من العداوة و الحرب، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخلف، فيكونوا بين نارين، فكاد ذلك يثنيهم، و لكن حينئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي- سيد بني كنانة- فقال لهم: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه.
جيش مكة يتحرك
و حينئذ خرجوا من ديارهم، كما قال اللّه: بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، و أقبلوا كما قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)- «بحدهم و حديدهم، يحادون اللّه و يحادون رسوله»، وَ غَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ، و على حمية و غضب و حنق على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و أصحابه، لاجتراء هؤلاء على قوافلهم.
تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في اتّجاه بدر، و سلكوا في طريقهم وادي عسفان،