نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء نویسنده : أبو الربيع الحميري الكلاعي جلد : 1 صفحه : 381
فلما دنا تناول رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) الحربة من الحارث بن الصمة، يقول بعض القوم: فلما أخذها رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء من ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطعنه فى عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.
و كان أبى بن خلف يلقى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) بمكة فيقول: يا محمد، إن عندى العوذ، فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه. فيقول رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم): «أنا أقتلك إن شاء الله» [1].
فلما رجع إلى قريش و قد خدشه فى عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال: قتلنى و الله محمد! فقالوا له: ذهب و الله فؤادك! و الله إن بك بأس. قال: إنه قد كان قال لى بمكة: أنا أقتلك. فو الله لو بصق على لقتلنى.
فمات عدو الله بسرف و هم قافلون به إلى مكة.
و قد قال رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فيما قاله يومئذ: «اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله» [2]. فسحقا لأصحاب السعير.
و لما انتهى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) إلى الشعب خرج على بن أبى طالب حتى ملأ درقته من المهراس، فجاء به إلى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) ليشرب منه، فوجد له ريحا فعافه و لم يشرب منه، و غسل عن وجهه الدم فصب على رأسه و هو يقول: «اشتد غضب الله على من دمى وجه رسوله» [3].
فبينا رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فى الشعب معه أولئك النفر من أصحابه إذا علت عالية من قريش الجبل فقال: «اللهم إنه لا ينبغى لهم أن يعلونا» [4] فقاتل عمر بن الخطاب و رهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل.
و نهض رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) إلى صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع، و قد كان بدن
[1] انظر الحديث فى: تفسير القرطبى (7/ 385)، البداية و النهاية لابن كثير (4/ 35)، الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 1/ 32).
[2] انظر الحديث فى: مستدرك الحاكم (4/ 275)، شرح السنة للبغوى (12/ 337)، كنز العمال للمتقى الهندى (29885، 29887).