responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القران لصبحي الصالح نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 226
الجدل العقيم، ويصل قلوبهم بربهم علام الغيوب: فالموضوع الذي هدفت إليه السورة هو -بالمقام الأول- بناء العقيدة بناء سليما في ذات الله، وفي شئون الغيب الموكولة إلى علم الله.
وفي السورة بعد ذلك ومضات سريعة تخللت بعض مقاطعها مصغرة للقيم المادية[1]، معرضة بفناء الدنيا وسرعة زوالها[2]، داعية إلى صبر الأنفس مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي, مؤكدة أن الاعتزاز الحقيقي إنما يكون بالإيمان والتقوى[3]، وأن الكافرين بلقاء ربهم هم الأخسرون أعمالا[4]. ولا ريب أن تخلل السورة بهذه الومضات السريعة يتناسق مع محورها الأساسي الذي رأيناه يدور حول بناء العقيدة, فلا بد في هذا البناء من تصحيح النظر إلى قيم الأشياء ومقاييس الحياة.
ومع سورة "إبراهيم" ننتهي إلى الحلقة الأخيرة المختارة من سور المرحلة المكية الختامية, فيخيل إلينا أننا نواجه فيها تكرارا لحقائق شديدة الشبه بما عرفناه في تحليل السور المكية الماضية، ولا سيما في أواخر المرحلة الثانية، وأن عيوننا تقع فيها أيضا على مشاهد مكررة وكأنها ظلال المشاهد السابقات:

[1] وقد صورت هذا أبلغ التصوير آيات الرجلين والجنتين، فقد قال الفقير المؤمن لصاحب الجنتين المغرور {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} . وانتهى الأمر بالجنة المثمرة المحفوفة بالنخل والزرع أن تهشمت وخوت على عروشها. انظر الكشاف 2/ 389.
[2] كما في المثل المضروب للحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} الآيات وراجع تفسيرها في الكشاف 2/ 392.
[3] وأوضح مثال لذلك في السورة قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الآية، ففي هذا الخطاب الرباني أمر بمجالسة أهل الذكر وتعليمهم الخير، لأن دعوة الحق إنما تقوم على أمثالهم، "سواء أكانوا فقراء أم أغنياء وأقوياء أم ضعفاء" قارن بتفسير ابن كثير 3/ 80.
[4] في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} الآيات، يقول الطبري 16/ 28: "عني بقوله هذا كل عامل عمل يحسبه فيه مصيبا، وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر".
نام کتاب : مباحث في علوم القران لصبحي الصالح نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست