responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القران لصبحي الصالح نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 213
الشراب"[1]، ويضاعف لهم هذا النعيم بأنبل صحبة وأسماها وأحلها مع أزواجهم الحييات المصونات من الحور الحسان الناعمات.
وإنهم لفي نعيمهم هذا إذ يذكر أحدهم قرينا له كان في الدنيا يكذب بالبعث والنشور, فيذهب السعداء لتفقد هذا القرين والتطلع إلى مصيره، فيجدونه في وسط الجحيم، ويوجه السعيد إلى قرينه الشقي كلمات التأنيب، وفي خلالها يحمد الله على أن جعله وإخوانه من الأتقياء المخلصين.
ويطلق القرآن هنا الموازنة إلى أبعد مدى، وهو يبسط أمام المكذبين الجاحدين الفرق الشاسع بين تقلب السعداء في أعطاف النعيم وغصص الأشقياء وهم يأكلون من شجرة الزقوم، وهي شجرة جهنمية خبيثة تناهت في القبح وإثارة الرعب حتى أشبهت رءوس الشياطين التي يتصورها الخيال أقبح ما تكون[2]، وكلما احترقت حلوقهم من الظمأ واللهيب شربوا ماء حميما غاليا عكرا فقطع أمعاءهم, وكلما التمسوا ملجأ يقيهم هذا الويل الشديد ردوا إلى قعر جهنم، وساءت مستقرا ومقاما.
ويذكر القرآن هؤلاء الضالين بأسباب ضلالهم، فإنهم مقلدون يهرعون على آثار آبائهم، ولا يقارنون مقارنة منطقية بين مصيرهم المظلم ومصير المؤمنين المشرق السعيد، ولكن أسلافهم ضلوا من قبل مع أن النذر أرسلوا فيهم متتابعين، فلم ينج من العذاب العاجل إلا المصطفون الأخيار.

[1] يقول الطبري في تأويل قوله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} : "لا في هذه الخمر غول، وهو أن تغتال عقولهم. يقول: لا تذهب هذه الخمر بعقول شاربيها كما تذهب بها خمور أهل الدنيا إذا شربوها فأكثروا منها، كما قال الشاعر:
وما زالت الكأس تغتالنا ... وتذهب بالأول الأول
والعرب تقول: ليس فيها غيلة وغائلة وغول بمعنى واحد. تفسير الطبري 23/ 35. ثم يعلق على قراءتي: "يُنْزِفُونَ" بكسر الزاي وفتحها فيقول: "والصواب" من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتان المعنى غير مختلفتيه، فبأيتهما قرأ القارئ يصيب، وذلك أن أهل الجنة لا ينفد شرابهم، ولا يسكرهم شربهم إياه فيذهب عقولهم".
[2] قال ابن كثير: "وإنما شبهها برءوس الشياطين -وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين- لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر" انظر تفسيره 4/ 10.
نام کتاب : مباحث في علوم القران لصبحي الصالح نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست