responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 235
مِنْهُمْ من الخائضين أَحَداً فإن فيما أفتيناك غنى عن الاستفتاء فيحمل على التفتي المنافي لمكارم الأخلاق إذ الحال لا تقتضي تطيب الخواطر أو نحو ذلك، وقيل: المعنى لا ترجع إليهم في شأن الفتية ولا تصدق القول الثالث من حيث صدوره منهم بل من حيث التلقي من الوحي، وقيل: المعنى إذ قد عرفت جهل أصحاب القولين فلا تجادلهم في شأنهم إلا جدالا ظاهرا قدر ما تعرض له الوحي من وصفهم بالرجم بالغيب ولا تستفت فيهم من أولئك الطائفتين أحدا لاستغنائك بما أوتيت مع أنهم لا علم لهم بذلك وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أي لأجل شيء تعزم عليه إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ الشيء غَداً أي فيما يستقبل من الزمان مطلقا وهو تأكيد لما يدل عليه اسم الفاعل بناء على أنه حقيقة في الاستقبال ويدخل فيه الغد بمعنى اليوم الذي يلي يومك وهو المتبادر دخولا أوليا،
فإن الآية نزلت حين سألت قريش النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين فقال عليه الصلاة والسلام: غدا أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه صلّى الله عليه وسلّم الوحي خمسة عشر يوما على ما روي عن ابن إسحاق
، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل:
أربعين يوما فشق ذلك عليه الصلاة والسلام وكذبته قريش وحاشاه.
وجوز غير واحد أن يبقى على المعنى المتبادر وما بعده بذلك المعنى يعلم بطريق دلالة النص.
وتعقب بأن ما بعده ليس بمعناه في مناط النهي وهو احتمال المانع فإن الزمان إذا اتسع قد ترتفع فيه الموانع أو تخف وليس بشيء لأن المانع شامل للموت واحتمال في الزمان الواسع أقوى.
إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ استثناء متعلق بالنهي على ما اختاره جمع من المحققين، وقول ابن عطية اغترارا برد الطبري إنه من الفساد بحيث كان الواجب أن لا يحكى خروج عن الإنصاف، وهو مفرغ من أعم الأحوال.
وفي الكلام تقدير باء للملابسة داخلة على أن والجار والمجرور في موضع الحال أي لا تقولن ذلك في حال من الأحوال إلا حال ملابسته بمشيئة الله عز وجل بأن تذكر، قال في الكشف: إن التباس القول بحقيقة المشيئة محال فبقي أن يكون بذكرها وهو إن شاء الله تعالى ونحوه مما يدل على تعليقه الأمور بمشيئة الله تعالى.
ورد بما يصلح أن يكون تأييدا لا ردا، وجوز أن يكون المستثنى منه أعم الأوقات أي لا تقولن ذلك في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئة الله تعالى ذلك القول منك، وفسرت المشيئة على هذا بالإذن لأن وقت المشيئة لا يعلم إلا بإعلامه تعالى به وإذنه فيه فيكون مآل المعنى لا تقولن إلا بعد أن يؤذن لك بالقول. وجوز أيضا أن يكون الاستثناء منقطعا، والمقصود منه التأبيد أي ولا تقولن ذلك أبدا، ووجه ذلك في الكشف بأنه نهي عن القول إلا وقت مشيئة الله تعالى وهي مجهولة فيجب الانتهاء أبدا، وأشار إلى أنه هو مراد الزمخشري لا ما يتوهم من جعله مثل قوله تعالى: وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الأعراف: 89] من أن التأبيد لعدم مشيئته تعالى فعل ذلك غدا لقبحه كالعود في ملة الكفر لأن القبح فيما نحن فيه على إطلاقه غير مسلم، والتخصيص بما يتعلق بالوحي على معنى لا تقولن فيما يتعلق بالوحي إني أخبركم به إلا أن يشاء الله تعالى والله تعالى لم يشأ أن تقوله من عندك فإذا لا تقولنه أبدا يأباه النكرة في سياق النهي المتضمن للنفي والتقييد بالمستقبل، وأن قوله: فاعِلٌ ذلِكَ غَداً أي مخبر عن أمر يتعلق بالوحي غدا غير مؤذن بأن قوله في الغد يكون من عنده لا عن وحي فالتشبيه في أن الاستثناء بالمشيئة استعمل في معرض التأبيد وإن كان وجه الدلالة مختلفا أخذا من متعلق المشيئة تارة ومن الجهل بها أخرى، ولا يخفى أن الظاهر في الآية الوجه الأول وأن أمته صلّى الله عليه وسلّم وهو في الخطاب الذي تضمنته سواء مخصوصا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يجوز أن يكون الاستثناء متعلقا بقوله تعالى: إِنِّي فاعِلٌ بأن يكون استثناء مفرغا مما في حيزه من أعم الأحوال أو الأوقات لأنه حينئذ إما أن تعتبر تعلق المشيئة بالفعل فيكون المعنى إني فاعل في كل حال أو في كل وقت إلا في حال أو وقت
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست