responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 338
دون التكثير فجوز الإجابة بالزيادة قصدا إلى إظهار الرأفة والرحمة كما جعل إبراهيم عليه السلام جزاء من عصاني أي لم يمتثل أمر ترك عبادة الأصنام قوله: فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ دون إنك شديد العقاب مثلا فخيل أنه سبحانه يرحمهم ويغفر لهم رأفة بهم وحثا على الاتباع، وتعقب بأن ذكره للتمويه والتخييل بعد ما فهم عليه الصلاة والسلام منه التكثير لا يليق بمقامه الرفيع، وفهم المعنى الحقيقي من لفظ اشتهر مجازه لا ينافي الفصاحة والمعرفة باللسان فإنه لا خطأ فيه ولا بعد إذ هو الأصل، ورجحه عنده عليه الصلاة والسلام شغفه بهدايتهم ورأفته بهم واستعطاف من عداهم، ولعل هذا أولى من القول بالتمويه بلا تمويه، وأنكر إمام الحرمين صحة ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام فهم على أن حكم ما زاد على السبعين بخلافه وهو غريب منه، فقد جاء ذلك من رواية البخاري ومسلم وابن ماجة والنسائي وكفى بهم، وقول الطبرسي: «إن خبر «لأزيدن» إلخ خبر واحد لا يعول عليه» لا يعول عليه، وتمسك في ذلك بما هو كحبل الشمس وهو عند القائلين بالمفهوم كجبال القمر، وأجاب المنكرون له بمنع فهم ذلك لأن ذكر السبعين للمبالغة وما زاد عليه مثله في الحكم وهو مبادرة عدم المغفرة فكيف يفهم منه المخالفة، ولعله علم صلّى الله عليه وسلّم أنه غير مراد هاهنا بخصوصه سلمناه لكن لا نسلم فهمه منه، ولعله باق على أصله في الجواز إذ لم يتعرض له بنفي ولا إثبات والأصل جواز الاستغفار للرسول عليه الصلاة والسلام وكونه مظنة الإجابة ففهم من حيث إنه الأصل لا من التخصيص بالذكر، وحاصل الأول منع فهمه منه مطلقا بل إنما فهم من الخارج، وحاصل الثاني تسليم فهمه منه في الجملة لكن لا بطريق المفهوم بل من جهة الأصل.
وأنت تعلم أن ظاهر الخبر مع القائلين بالمفهوم غاية الأمر أن الله سبحانه أعلم نبيه عليه الصلاة والسلام بآية المنافقين أن المراد بالعدد هنا التكثير دون التحديد ليكون حكم الزائد مخالفا لحكم المذكور فيكون المراد بالآيتين عند الله تعالى واحدا وهو عدم المغفرة لهم مطلقا، لكن في دعوى نزول آية المنافقين بعد هذه الآية إشكال، أما على القول بأن براءة آخر ما نزل فظاهر وأما على القول بأن أكثرها أو صدرها كذلك وحينئذ لا مانع من تأخر نزول بعض الآيات منها عن نزول بعض من غيرها فلأن صدر ما في سورة المنافقين يقتضي أنها نزلت في غير قصة هذه التي سلفت آنفا، وظاهر الأخبار كما ستعلم إن شاء الله تعالى يقتضي أنها نزلت في ابن أبي ولم يكن مريضا، وما تقدم في سبب نزول ما هنا نص في أنه نزل وهو مريض، والقول بأن تلك نزلت مرتين يحتاج إلى النقل ولا يكتفي في مثله بالرأي وأنى به، على أنه يشكل حينئذ قوله عليه الصلاة والسلام «لأزيدن على السبعين» مع تقدم نزول المبين للمراد منه، والقول بالغفلة لا أراه إلّا ناشئا من الغفلة عن قوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى بل الجهل بمقامه الرفيع عليه الصلاة والسلام ومزيد اعتنائه بكلام ربه سبحانه، ولم أر من تعرض لدفع هذا الإشكال، ولا سبيل إلى دفعه إلا بمنع نزول ما في سورة المنافقين في قصة أخرى ومنع دلالة الصدر على ذلك. نعم ذكروا أن الصدر نزل في ابن أبي ولم يكن مريضا إذ ذاك ولم نقف على نص في أن العجز نزل فيه كذلك، والظاهر نزوله بعد قوله سبحانه: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ إلخ وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يؤيد ذلك عند تفسير الآية فافهم ذلِكَ أي امتناع المغفرة لهم ولو بعد ذلك الاستغفار بِأَنَّهُمْ أي بسبب أنهم كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني ليس الامتناع لعدم الاعتداد باستغفارك بل بسبب عدم قابليتهم لأنهم كفروا كفرا متجاوزا للحد كما يشير إليه وصفهم بالفسق في قوله سبحانه:
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ فإن الفسق في كل شيء عبارة عن التمرد والتجاوز عن حدوده، والمراد بالهداية الدلالة الموصلة لا الدلالة على ما يوصل لأنها واقعة لكن لم يقبلوها لسوء اختيارهم، والجملة تذييل مؤكد لما قبله من الحكم فإن مغفرة الكفار بالإقلاع عن الكفر والإقبال إلى الحق والمنهمك فيه المطبوع عليه بمعزل من ذلك، وفيه تنبيه
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست