responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 310
يقول: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله تعالى فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام فذكرت ذلك له فقال: «رحمة الله تعالى على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» ونزلت الآية.
وأخرج ابن جرير وغيره عن داود بن أبي عاصم قال: «أوتي النبي صلّى الله عليه وسلّم بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل فنزلت» ،
وعن الكلبي أنها نزلت في أبي الجواظ المنافق قال: ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاء الغنم ويزعم أنه يعدل.
وتعقب هذا ولي الدين العراقي بأنه ليس في شيء من كتب الحديث، وأنت تعلم أن أصح الروايات الأولى إلا أن كون سبب النزول قسمته صلّى الله عليه وسلّم للصدقة على الوجه الذي فعله أوفق بالآية من كون ذلك قسمته للغنيمة فتأمل وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أي ما أعطاهم الرسول الله من الصدقات طيبي النفوس به وإن قل- فما- وإن كانت من صيغ العموم إلا أن ما قبل وما بعد قرينة على التخصيص، وبعض أبقاها على العموم أي ما أعطاهم من الصدقة أو الغنيمة قيل لأنه الأنسب، وذكر الله عزّ وجلّ للتعظيم وللتنبيه على أن ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام كان بأمره سبحانه وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ أي كفانا فضله وما قسمه لنا كما يقتضيه المعنى سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ بعد هذا حسبما نرجو ونأمل إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ في أن يخولنا فضله جل شأنه، والآية بأسرها في حيز الشرط والجواب محذوف بناء على ظهوره أي لكان خيرا لهم وأعود عليهم، وقيل: إن جواب الشرط قالُوا والواو زائدة وليس بذاك، ثم إنه سبحانه لما ذكر المنافقين وطعنهم وسخطهم بين أن فعله عليه الصلاة والسلام لإصلاح الدين وأهله لا لأغراض نفسانية كأغراضهم فقال جل وعلا: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ إلخ يعني أن الذي ينبغي أن يقسم مال الله عليه من اتصف بإحدى هذه الصفات دون غيره إذ القصد الصلاح والمنافقون ليس فيهم سوى الفساد فلا يستحقونه وفي ذلك حسم لأطماعهم الفارغة ورد لمقالتهم الباطلة، والمراد من الصدقات الزكوات فيخرج غيرها من التطوع، والفقير على ما روي عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه من له أدنى شيء وهو ما دون النصاب أو قدر نصاب غير نام وهو مستغرق في الحاجة، والمسكين من لا شيء له فيحتاج للمسألة لقوته وما يواري بدنه ويحل له ذلك بخلاف الأول حيث لا تحل له المسألة فإنها لا تحل لمن يملك قوت يومه بعد ستر بدنه، وعند بعضهم لا تحل لمن كان كسوبا أو يملك خمسين درهما.
فقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن مسعود قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سألنا وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح قيل: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها من الذهب»
وإلى هذا ذهب الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق، وقيل: من ملك أربعين درهما حرم عليه السؤال لما
أخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف»
وكان الأوقية في ذلك الزمان أربعين درهما. ويجوز صرف الزكاة لمن لا تحل له المسألة بعد كونه فقيرا، ولا يخرجه عن الفقر ملك نصب كثيرة غير نامية إذا كانت مستغرقة للحاجة، ولذا قالوا: يجوز للعالم وإن كانت له كتب تساوي نصبا كثيرة إذا كان محتاجا إليها للتدريس ونحوه أخذ الزكاة بخلاف العامي وعلى هذا جميع آلات المحترفين.
وعلى ما نقل عن الإمام يكون المسكين أسوأ حالا من الفقير، واستدل بقوله تعالى: أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ [البلد: 16] أي ألصق جلده بالتراب في حفرة استتر بها مكان الإزار وألصق بطنه به لفرط الجوع فإنه يدل على غاية الضرر والشدة ولم يوصف الفقير بذلك، وبأن الأصمعي وأبا عمرو بن العلاء وغيرهما من أهل اللغة فسروا المسكين بمن لا شيء له، والفقير بمن له بلغة من العيش. وأجيب بأن تمام الاستدلال بالآية موقوف على أن الصفة كاشفة وهو خلاف
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست