responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 231
يكون في كل مرة ذكر أمرا واحدا من تلك الأمور، والتنصيص على الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه وليس في شيء من الروايات ما يدل على الحصر فافهم، وقال بعضهم: إن المعنى لولا حكم الله تعالى بغلبتكم ونصركم لمسكم عذاب عظيم من أعدائكم بغلبتهم لكم وتسليطهم عليكم يقتلون ويأسرون وينبهون وفيه نظر، لأنه ان أريد بهذه الغلبة المفروضة الغلبة في بدر فالأخذ الذي هو سببها إنما وقع بعد انقضاء الحرب، وحينئذ يكون مآل المعنى لولا حكم الله تعالى بغلبتكم لغلبكم الكفار قبل بسبب ما فعلتم بعد وهو كما ترى، وإن أريد الغلبة بعد ذلك فهي قد مست القوم في أحد فإن أعداءهم قد قتلوا منهم سبعين عدد الأسرى وكان ما كان فلا يصح نفي المس حينئذ. نعم
أخرج ابن جرير عن محمد بن إسحاق أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال عند نزول هذه الآية: «لو أنزل من السماء عذاب لما نجا منه غير عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ لقوله: كان الإثخان في القتل أحب إلي»
وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر لكن لم يذكر فيه سعد بن معاذ وذلك يدل على أن المراد بالعذاب عذاب الدنيا غير القتل مما لم يعهد لمكان نزل من السماء، وحينئذ لا يرد أنه استشهد منهم بعدتهم لأن الشهادة لا تعد عذابا، لكن هذا لا ينفع ذلك القائل لأنه لم يفسر العذاب إلا بالغلبة وهي صادقة في مادة الشهادة فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ قال محيي السنة: روي أنه لما نزلت الآية الأولى كف أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيديهم عما أخذوا من الفداء فنزلت هذه الآية، فالمراد مما غنمتم إما الفدية وإما مطلق الغنائم، والمراد بيان حكم ما اندرج فيها من الفدية وإلا فحل الغنيمة مما عداها قد علم سابقا من قوله سبحانه: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ إلخ بل قال بعضهم: إن الحل معلوم قبل ذلك بناء على ما في كتاب الأحكام أن أول غنيمة في الإسلام حين أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه لبدر الأولى ومعه ثمانية رهط من المهاجرين رضي الله تعالى عنهم فأخذوا عيرا لقريش وقدموا بها على النبي صلّى الله عليه وسلّم فاقتسموها وأقرهم على ذلك.
ويؤيد القول بأن هذه الآية محللة للفدية ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مما هو نص في ذلك، وقيل: المراد بما غنمتم من غير اندراج فيها لأن القوم لما نزلت الآية الأولى امتنعوا عن الأكل والتصرف فيها تزهدا منهم لا ظنا لحرمتها إذ يبعده أن الحل معلوم لهم مما مر وليس بالبعيد والقول بأن القول الأول مما يأباه سياق النظم الكريم وسياقه ممنوع ودون إثباته الموت الأحمر.
والفاء للعطف على سبب مقدر، أي قد أبحت لكم الغنائم فكلوا مثلا، وقيل: قد يستغنى عن العطف على السبب المقدر بعطفه على ما قبله لأنه بمعناه، أي لا أؤاخذكم بما أخذتم من الفداء فكلوه، وزعم بعضهم أن الأظهر تقدير دعوا والعطف عليه، أي دعوا ما أخذتم فكلوا مما غنمتم وهو مبني على ما ذهب إليه من الآباء، وبنحو هذه الآية تشبث من زعم أن الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة، وضعف بأن الإباحة ثبتت هنا بقرينة أن الأكل إنما أمر به لمنفعتهم فلا ينبغي أن تثبت على وجه المضرة والمشقة، وقوله تعالى: حَلالًا حال من ما الموصولة أو من عائدها المحذوف أو صفة للمصدر أي أكلا حلالا، وفائدة ذكره وكذا ذكره قوله تعالى: طَيِّباً تأكيد الإباحة لما في العتاب من الشدة وَاتَّقُوا اللَّهَ في مخالفته إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولذا غفر لكم ذنبكم وأباح لكم ما أخذتموه، وقيل: فيغفر لكم ما فرط منكم من استباحة الفداء قبل ورود الإذن ويرحمكم ويتوب عليكم إذا اتقيتموه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ أي في ملكتكم واستيلائكم كأن أيديكم قابضة عليهم مِنَ الْأَسْرى الذين أخذتم منهم الفداء، وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر من «الأسارى» إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إيمانا وتصديقا كما قال ابن عباس يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ من الفداء.
والآية على ما في رواية ابن سعد وابن عساكر نزلت في جميع أسارى بدر وكان فداء العباس منهم أربعين أوقية
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست