responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 212
تعلق الجار بغالب وإلا لانتصب لشبهه بالمضاف حينئذ، وأجاز البغداديون الفتح وعليه يصح تعلقه به، ومِنَ النَّاسِ حال من ضمير الخبر لا من المستتر في غالِبَ لما ذكرنا، وجملة اني جار تحتمل العطف والحالية فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أي تلاقى الفريقان وكثيرا ما يكنى بالترائي عن التلاقي وإنما أول بذلك لمكان قوله تعالى: نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ
أي رجع القهقري فإن النكوص كان عند التلاقي لا عند الترائي، والتزام كونه عنده فيه خفاء. والجار والمجرور في موضع الحال المؤكدة أو المؤسسة إن فسر النكوص بمطلق الرجوع، وأيا ما كان ففي الكلام استعارة تمثيلية، شبه بطلان كيده بعد تزيينه بمن رجع القهقهرى عما يخافه كأنه قيل: لما تلاقتا بطل كيده وعاد ما خيل إليهم أنه مجيرهم سبب هلاكهم.
وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ تبرأ منهم إما بتركهم أو بترك الوسوسة لهم التي كان يفعلها أولا وخاف عليهم وأيس من حالهم لما رأى امداد الله تعالى المسلمين بالملائكة عليهم السلام، وإنما لم نقل خاف على نفسه لأن الوسوسة بخوفه عليهم أقرب إلى القبول بل يبعد وسوسته إليهم بخوفه على نفسه، وقيل:
إنه لا يخاف على نفسه لأنه من المنظرين وليس بشيء.
وقد يقال: المقصود من هذا الكلام أنه عظم عليهم الأمر وأخذ يخوفهم بعد أن كان يحرضهم ويشجعهم كأنه قال: يا قوم الأمر عظيم والخطب جسيم وإني تارككم لذلك وخائف على نفسي الوقوع في مهاوي المهالك مع أني أقدر منكم على القرار وعلى مراحل هذه القفار، وحينئذ لا يبعد أن يراد من الخوف الخوف على نفسه حيث لم يكن هناك قول حقيقة، وقال غير واحد من المفسرين: إنه لما اجتمعت قريش على المسير ذكرت ما بينها وبين كنانة من الإحنة والحرب فكاد ذلك يثبطهم فتمثل لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك الكناني وكان من أشراف كنانة فقال لهم لا غالب لكم اليوم وإني جار لكم من بني كنانة وحافظكم ومانع عنكم فلا يصل إليكم مكروه منهم فلما رأى الملائكة تنزل من السماء نكص وكانت يده في يد الحارث بن هشام فقال له: إلى أين؟ أتخذلنا في هذه الحالة؟ فقال له: إني أرى ما لا ترون فقال: والله ما نرى إلا جعاسيس يثرب فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس سراقة فبلغه الخبر فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم فلما أسلموا علموا أنه الشيطان، وروي هذا عن ابن عباس والكلبي والسدي وغيرهم، وعليه يحتمل أن يكون معنى قوله: إني أخاف الله إني أخاف أن يصيبني بمكروه من الملائكة أو يهلكني، ويكون الوقت هو الوقت الموعود إذ رأى فيه ما لم ير قبله، وفي الموطأ: ما رئي الشيطان يوما هو أصغر فيه ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله تعالى عن الذنوب العظام إلا ما رئي يوم بدر فإنه قد رأى جبريل عليه السلام يزع الملائكة عليهم السلام، وما في كتاب التيجان من أن إبليس قتل ذلك اليوم مخرج على هذا وإلا فهو تاج سلطان الكذب، وروى الأول عن الحسن واختاره البلخي والجاحظ، وقوله سبحانه: وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ يحتمل أن يكون من كلام اللعين وأن يكون مستأنفا من جهته سبحانه وتعالى، وادعى بعضهم أن الأول هو الظاهر إذ على احتمال كونه مستأنفا يكون تقريرا لمعذرته ولا يقتضيه المقام فيكون فضلة من الكلام، وتعقب بأنه بيان لسبب خوفه حيث إنه يعلم ذلك فافهم إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ ظرف لزين أو نكص أو شديد العقاب، وجوز أبو البقاء أيضا أن يقدر اذكروا وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي الذين لم تطمئن قلوبهم بالإيمان بعد وبقي فيها شبهة، قيل: وهم فتية من قريش أسلموا بمكة وحبسهم آباؤهم حتى خرجوا معهم إلى بدر. منهم قيس بن الوليد بن المغيرة. والعاص بن منبه بن الحجاج. والحارث بن زمعة.
وأبو قيس بن الفاكه، فالمرض على هذا مجاز عن الشبهة.
وقيل: المراد بهم المنافقون سواء جعل العطف تفسيريا أو فسر مرض القلوب بالإحن والعداوات والشك مما هو
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست