responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 165
فقد قالوا: إن ذلك المقام اقتضي الاهتمام بشأن الأمن ولذلك قدمه سبحانه وتعالى وبسط الكلام فيه كما لا يخفى على من تأمل في السياق والسباق بخلافه هنا لأنه في مقام تعداد النعم فلذا جيء بالقصة مختصرة للرمز وقرىء «أمنة» بالسكون وهو لغة فيه.
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً عطف على يُغَشِّيكُمُ وكان هذا قبل النعاس كما روي عن مجاهد وتقديم الجار والمجرور على المفعول به للاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر كما مر غير مرة، وتقديم عليكم لما أن بيان كون التنزيل عليهم أهم من بيان كونه من السماء: وقرأ ابن كثير وسهل ويعقوب وأبو عمر وَيُنَزِّلُ بالتخفيف من الانزال وقرأ الشعبي ما لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ أي من الحدث الأصغر والأكبر ووجهها كما قال ابن جني أن ما موصولة واللام متعلقة بمحذوف وقع صلة لها أي وينزل عليكم الذي ثبت لتطهيركم، ونظير هذا اللام اللام في قولك: أعطيت الثوب الذي لدفع البرد وهي في قراءة الجماعة نظير اللام في قولك: زرتك لتكرمني ومرجع القراءتين واحد والمشهور أفصح بالمراد وانظر لم لا يجوز أن تخرج هذه القراءة على ما سمع من قولهم اسقني ما بالقصر، وقد حكي ذلك في القاموس وأرى أن العدول عن ذلك إن جاز كالتيمم مع وجود الماء.
وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ أي وسوسته وتخويفه إياكم من العطش. أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المشركين غلبوا المسلمين فى أول أمرهم على الماء فظمىء المسلمون وصلوا مجنبين محدثين وكانت بينهم رمال فألقى الشيطان في قلوبهم الحزن وقال: أتزعمون أن فيكم نبيا وأنكم أولياء الله تعالى وتصلون مجنبين محدثين؟ فانزل الله تعالى من السماء ماء فسال عليهم الوادي فشربوا وتطهروا وثبتت أقدامهم وذهبت وسوسة الشيطان، وفسر بعضهم الرجز هنا بالجنابة مع اعتبار كون التطهير منها واعترض بلزوم التكرار ودفع بأن الجملة الثانية تعليل للأولى والمعنى طهركم من الجنابة لأنها كانت من رجز الشيطان وتخييله.
وقرىء «رجس» وهو بمعنى الرجز وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ أي يقويها بالثقة بلطف الله تعالى فيما بعد بمشاهدة طلائعه، وأصل الربط الشد ويقال لمن صبر على الشيء: ربط نفسه عليه.
قال الواحدي: ويشبه أن تكون عَلى صلة أي وليربط قلوبكم. وقيل الأصل ذلك إلا أنه أتى بعلى قصدا للاستعلاء. وفيه إيماء إلى أن قلوبهم قد امتلأت من ذلك حتى كأنه علا عليها، وفي ذلك من إفادة التمكن ما لا يخفى وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ ولا تسوخ في الرمل فالضمير للماء كالأول.
وجوز أن يكون للربط، والمراد بتثبيت الأقدام كما قال أبو عبيدة جعلهم صابرين غير فارين ولا متزلزلين إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ متعلق بمضمر مستأنف أي اذكر خوطب به النبي صلّى الله عليه وسلّم بطريق التجريد حسبما ينطق به الكاف، وقيل: منصوب بيثبت ويتعين حينئذ عود الضمير المجرور في به إلى الربط ليكون المعنى ونثبت الأقدام بتقوية قلوبكم وقت الإيحاء إلى الملائكة والأمر بتثبيتهم إياكم وهو وقت القتال، ولا يصح أن يعود إلى الماء لتقدم زمانه على ذلك، وقال بعضهم: يجوز ذلك لأن التثبيت بالمطر باق إلى زمانه أو يعتبر الزمان متسعا قد وقع جميع المذكور فيه وفائدة التقييد التذكير بنعمة أخرى والإيماء إلى اقتران تثبيت الأقدام بتثبيت القلوب المأمور به الملائكة الذي لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، أو الرمز إلى أن التقوية وقعت على أتم وجه، وقيل: هو بدل ثالث من إِذْ يَعِدُكُمُ ويبعده تخصيص الخطاب بسيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام. واختار بعض المحققين الأول مدعيا أن في الثاني تقييد التثبيت بوقت مبهم وليس فيه مزيد فائدة. وفي الثالث إباء التخصيص عنه مع أن المأمور به ليس من الوظائف العامة للكل كسائر أخواته ولا يستطيعه غيره عليه الصلاة والسلام لأن الوحي المذكور قبل ظهوره بالوحي المذكور،
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 5  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست