responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 366
فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أي لا تأسف ولا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم، فإن غائلة ذلك موصولة بهم وتبعته عائدة إليهم، وفي المؤمنين غنى لك عنهم، ووضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالرسوخ في الكفر، وقيل: المراد لا تحزن على هلاكهم وعذابهم، ووضع الظاهر موضع الضمير للتنبيه على العلة الموجبة لعدم الأسى، ولا يخلو عن بعد إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا كلام مستأنف مسوق للترغيب في الإيمان والعمل الصالح.
وقد تقدم في آية البقرة الاختلاف في المراد- من الذين آمنوا- والمروي عن الثوري أنهم الذين آمنوا بألسنتهم- وهم المنافقون- وهو الذي اختاره الزجاج، واختار القاضي أن المراد بهم المتدينون بدين محمد صلّى الله عليه وسلّم مخلصين كانوا أو منافقين، وقيل: غير ذلك وَالَّذِينَ هادُوا أي دخلوا في اليهودية وَالصَّابِئُونَ، وهم كما قال حسن جلبي وغيره: قوم خرجوا عن دين اليهود والنصارى وعبدوا الملائكة وقد تقدم الكلام على ذلك، وفي حسن المحاضرة في أخبار مصر القاهرة للجلال السيوطي ما لفظه: ذكر أئمة التاريخ أن آدم عليه الصلاة والسلام أوصى لابنه شيث- وكان فيه وفي بنيه النبوة والدين- وأنزل عليه تسع وعشرون صحيفة وأنه جاء إلى أرض مصر، وكانت تدعى بايلون فنزلها هو وأولاد أخيه، فسكن شيث فوق الجبل، وسكن أولاد قابيل أسفل الوادي، واستخلف شيث ابنه أنوش واستخلف أنوش ابنه قونان، واستخلف قونان ابنه مهلائيل، واستخلف مهلائيل ابنه يرد، ودفع الوصية إليه وعلمه جميع العلوم وأخبره بما يحدث في العالم، ونظر في النجوم وفي الكتاب الذي أنزل على آدم عليه الصلاة والسلام، وولد ليرد أخنوخ- وهو إدريس عليه الصلاة والسلام- ويقال له: هرمس، وكان الملك في ذلك الوقت محويل بن أخنوخ بن قابيل، وتنبأ إدريس عليه الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة، وأراد به الملك سوءا فعصمه الله تعالى وأنزل عليه ثلاثين صحيفة، ودفع إليه أبوه وصية جده والعلوم التي عنده وكان قد ولد بمصر وخرج منها، وطاف الأرض كلها ورجع فدعا الخلق إلى الله تعالى فأجابوه حتى عمت ملته الأرض، وكانت ملته الصابئة، وهي توحيد الله تعالى والطهارة والصوم، وغير ذلك من رسوم التعبدات، وكان في رحلته إلى المشرق قد أطاعه جميع ملوكها، وابتنى مائة وأربعين مدينة أصغرها الرها، ثم عاد إلى مصر وأطاعه ملكها وآمن به- إلى آخر ما قاله- ونقله عن التيفاشي، ويفهم منه قول في الصابئة غير الأقوال المتقدمة وفي شذرات الذهب لعبد الحي بن أحمد بن العماد الحنبلي في ترجمة أبي إسحاق الصابئي ما نصه:
والصابئي بهمز آخره، قيل: نسبة إلى صابئي بن متوشلخ بن إدريس عليه الصلاة والسلام، وكان على الحنيفية الأولى، وقيل: الصابئي بن ماوي، وكان في عصر الخليل عليه الصلاة والسلام، وقيل: الصابئ عند العرب من خرج عن دين قومه انتهى وَالنَّصارى جمع نصران، وقد مر تفصيله، ورفع الصَّابِئُونَ على الابتداء وخبره محذوف لدلالة خبر- إن- عليه، والنية فيه التأخير عما في خبر إِنَّ والتقدير إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى حكمهم كيت وكيت وَالصَّابِئُونَ كذلك بناء على أن المحذوف في إن زيدا، وعمرو قائم خبر الثاني لا الأول كما هو مذهب بعض النحاة، واستدل عليه بقول: صابئ بن الحارث البرجمي:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني، وقيار بها لغريب
فإن قوله: «لغريب» خبر إن، ولذا دخلت عليه اللام لأنها تدخل على خبر «إن» لا على خبر المبتدأ إلا شذوذا، وقيل: إن «غريب» فيه خبر عن الاسمين جميعا لأن فعيلا يستوي فيه الواحد وغيره نحو وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: 4] ، ورده الخلخالي بأنه لم يرد للاثنين، وإن ورد للجمع، وأجاب عنه ابن هشام بأنهم قالوا في قوله تعالى:
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ [ق: 17] : إن المراد قعيدان، وهذا يدل على إطلاقه على الاثنين أيضا، فالصواب
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست