responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 363
على فضله كرم الله تعالى وجهه وأنه ولي المؤمنين بالمعنى الذي قررناه، ونحن لا ننكر ذلك وملعون من ينكره، وكذا ما أخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ليس فيه أكثر من ذلك، والتنصيص عليه كرم الله تعالى وجهه بالذكر لما قدمنا، وقال بعض أصحابنا على سبيل التنزل: إن الآية على خبر ابن مسعود وكذا خبر الغدير- على الرواية المشهورة- على تقدير دلالتهما على أن المراد الأولى بالتصرف لا بد أن يقيدا بما يدل على ذلك في المآل، وحينئذ فمرحبا بالوفاق لأن أهل السنة قائلون بذلك حين إمامته، ووجهه تخصيص الأمير كرم الله تعالى وجهه حينئذ بالذكر ما علمه عليه الصلاة والسلام بالوحي من وقوع الفساد والبغي في زمن خلافته، وإنكار بعض الناس لإمامته الحقة، وكون ذلك بعد الوفاة من غير فصل مما لا دليل عليه، والخبر المصدر- بكأني قد دعيت فأجبت- ليس نصا في المقصود كما لا يخفى، ومما يبعد دعوى الشيعة من أن الآية نزلت في خصوص خلافة علي كرّم الله تعالى وجهه، وأن الموصول فيها خاص قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فإن الناس فيه وإن كان عاما إلا أن المراد بهم الكفار، ويهديك إليه إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فإنه في موضع التعليل لعصمته عليه الصلاة والسلام، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر أي لأن الله تعالى لا يهديهم إلى أمنيتهم فيك، ومتى كان المراد بهم الكفار بعد إرادة الخلافة، بل لو قيل: لم تصح لم يبعد لأن التخوف الذي تزعمه الشيعة منه صلّى الله عليه وسلّم- وحاشاه في تبليغ أمر الخلافة- إنما هو من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، حيث إن فيهم- معاذ الله تعالى- من يطمع فيها لنفسه، ومتى رأى حرمانه منها لم يبعد منه قصد الإضرار برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والتزام القول- والعياذ بالله عزّ وجلّ- بكفر من عرضوا بنسبة الطمع في الخلافة إليه مما يلزمه محاذير كلية أهونها تفسيق الأمير كرم الله تعالى وجهه وهو هو، أو نسبة الجبن إليه- وهو أسد الله تعالى الغالب- أو الحكم عليه بالتقية- وهو الذي لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم ولا يخشى إلا الله سبحانه- أو نسبة فعل الرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بل الأمر الإلهي إلى العبث والكل كما ترى، لا يقال: إن عندنا أمرين يدلان على أن المراد بالموصول الخلافة، أحدهما أنه صلّى الله عليه وسلّم كان مأمورا بأبلغ عبارة بتبليغ الأحكام الشرعية التي يؤمر بها حيث قال سبحانه مخاطبا له عليه الصلاة والسلام: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر: 94] فلو لم يكن المراد هنا فرد هو أهم الأفراد وأعظمها شأنا- وليس ذلك إلا الخلافة إذ بها ينتظم أمر الدين والدنيا- لخلا الكلام عن الفائدة، وثانيهما
أن ابن إسحاق ذكر في سيرته أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطب الناس في حجة الوداع خطبته التي بين فيها ما بين، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألنكم عن أعمالكم، وقد بلغت، ثم أوصى صلّى الله عليه وسلّم بالنساء، ثم قال عليه الصلاة والسلام:
فاعقلوا قولي فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم- إلى أن قال: بأبي هو وأمي صلّى الله عليه وسلّم- اللهم هل بلغت؟ قال ابن إسحاق: فذكر لي أن الناس قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللهم اشهد»
انتهى.
فإن هذه الرواية ظاهرة في أن الخطبة كانت يوم عرفة يوم الحج الأكبر- كما في رواية يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير- ويوم الغدير كان اليوم الثامن عشر من ذي الحجة بعد أن فرغ صلّى الله عليه وسلّم من شأن المناسك وتوجه إلى المدينة المنوّرة، وحينئذ يكون المأمور بتبليغه أمرا آخر غير ما بلغه صلّى الله عليه وسلّم قبل، وشهد الناس على تبليغه، وأشهد الله تعالى على ذلك، وليس هذا إلا الخلافة الكبرى والإمامة العظمى، فكأنه سبحانه يقول: يا أيها الرسول بلغ كون علي كرم الله تعالى وجهه خليفتك وقائما مقامك بعدك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وإن قال لك الناس حين قلت: اللهم هل
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست