responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 364
ضرورة- فلا حاجة إلى القول باختصاص المجموع- وجوّز أن تكون «أينما» مفعول تُوَلُّوا بمعنى الجهة، فقد شاع في الاستعمال «أينما» توجهوا، بمعنى أي جهة توجهوا- بناء على ما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما- أن الآية نزلت في صلاة المسافر (¬1) والتطوع على الراحلة، وعلى ما روي عن جابر أنها نزلت في قوم عميت عليهم- القبلة- في غزوة كانت فيها معهم، فصلوا إلى الجنوب والشمال، فلما أصبحوا تبين خطؤهم، ويحتمل- على هاتين الروايتين- أن تكون «أينما» كما في الوجه الأول أيضا، ويكون المعنى في أي مكان فعلتم أي- تولية- لأن حذف المفعول به يفيد العموم، واقتصر عليه بعضهم مدعيا أن ما تقدم لم يقل به أحد من أهل العربية، ومن الناس من قال: الآية توطئة لنسخ القبلة، وتنزيه للمعبود أن يكون في حين وجهة، وإلا لكانت أحق بالاستقبال، وهي محمولة على العموم غير مختصة بحال السفر أو حال التحري، والمراد ب «أينما» أي جهة، وبالوجه الذات. ووجه الارتباط حينئذ أنه لما جرى ذكر- المساجد- سابقا أورد بعدها تقريبا حكم- القبلة- على سبيل الاعتراض، وادعى بعضهم أن هذا أصح الأقوال، وفيه تأمل إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ أي محيط بالأشياء ملكا أو رحمة، فلهذا- وسع- عليكم- القبلة- ولم يضيق عليكم عَلِيمٌ بمصالح العباد وأعمالهم في الأماكن، والجملة على الأول تذييل لمجموع وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ إلخ وعلى الثاني تذييل لقوله سبحانه فَأَيْنَما تُوَلُّوا إلخ، ومن الغريب جعل ذلك تهديدا.. لمن منع مساجد الله- وجعل الخطاب المتقدم لهم أيضا، فيؤول المعنى إلى أنه لا مهرب من الله تعالى لمن طغى، ولا مفر لمن بغى، لأن فلك سلطانه حدد الجهات، وسلطان علمه أحاط بالأفلاك الدائرات.
أين المفر ولا مفر لهارب ... وله البسيطان الثرى والماء
ومن باب الإشارة أن المشرق عبارة عن عالم النور والظهور وهو جنة النصارى وقبلتهم بالحقيقة باطنه، والمغرب عالم الأسرار والخفاء وهو جنة اليهود وقبلتهم بالحقيقة باطنه، أو المشرق عبارة عن إشراقه سبحانه على القلوب بظهور أنواره فيها والتجلي لها بصفة جماله حالة الشهود، والمغرب عبارة عن الغروب بتستره واحتجابه واختفائه بصفة جلاله حالة البقاء بعد الفناء ولله تعالى كل ذلك فأي جهة يتوجه المرء من الظاهر والباطن فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ المتحلي بجميع الصفات المتجلي بما شاء منزها عن الجهات وقد قال قائل القوم:
وما الوجه إلا واحد غير أنه ... إذا أنت عددت المرايا تعددا
إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ لا يخرج شيء عن إحاطته عَلِيمٌ فلا يخفى عليه شيء من أحوال خليقته ومظاهر صفته.
وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً نزلت في اليهود حيث- قالوا عزيز ابن الله- وفي نصارى نجران حين قالوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وفي مشركي العرب حيث قالوا- الملائكة بنات الله- فالضمير لما سبق ذكره من النصارى واليهود والمشركين الذين لا يعلمون، وعطفه على قالَتِ الْيَهُودُ وقال أبو البقاء على وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وجوز أن يكون عطفا على منع أو على مفهوم- من أظلم- دون لفظه للاختلاف إنشائية وخبرية. والتقدير ظلموا ظلما شديدا بالمنع، وقالوا: وإن جعل من عطف القصة على القصة لم يحتج إلى تأويل، والاستئناف حينئذ بياني كأنه قيل بعد ما عدد من قبائحهم هل انقطع خيط إسهابهم في الافتراء على الله تعالى أم امتد؟ فقيل: بل امتد فإنهم قالوا ما هو أشنع وأفظع، والاتخاذ- إما بمعنى الصنع والعمل فلا يتعدى إلا إلى واحد. وإما بمعنى التصيير، والمفعول الأول محذوف أي صير بعض مخلوقاته ولدا، وقرأ ابن عباس، وابن عامر. وغيرهما- قالوا- بغير واو على الاستئناف أو
¬
(¬1) بالمعنى اللغوي أي الخارج عن العمران اهـ منه.
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست