responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 282
قيل فى قوله تعالى: {وَأَنَّ الله يَهْدِي مَن يُرِيدُ} [الحج: 16] : إن ذلك يدل على أنه يهدى قوماً دون قوم بخلاف قولكم: إن الهدى عام. وجوابنا: أن المراد: يكلف مَن يريد، لأن فى الناس مَن لا يبلغه حد التكليف. أو يحتمل أن يريد الهداية إلى الثواب، لأنها خاصة فى المطيعين دون العصاة، ورغَّبَ تعالى المؤمن فى تحمل المشاق واحتمال ما يناله من المبطلين بقوله تعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} [الحج: 17] .. فبيِّن حُسن عاقبة المؤمن عند الفصل، ليكون فى الدنيا وإن لحقه الذل صابراً. وعلى هذا الوجه قال صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".
فأنت ترى من هذا كله: أنه يفر من القول بأن الله تعالى هو الذى يصرف العبد عن طريق الهدى إلى طريق الضلال أو العكس، تمشياً مع مذهبه وعقيدته..
*
* مس الشيطان:
كذلك نراه يُفسِّر الآيات التى تدل على أن الشيطان له قدرة على أن يؤثر فى الإنسان بما يوافق مذهبه، فيقول فى سورة البقرة (ص 50) ما نصه: "مسألة - وربما قيل: إن قوله: {الذين يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس} [البقرة: 275] كيف يصح ذلك وعندكم أن الشيطان لا يقدر على مثل ذلك؟. وجوابنا: أن مس الشيطان إنما هو بالوسوسة كما قال تعالى فى قصة أيوب: {مَسَّنِيَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41] ، كما يقال فيمن يفكر فى شئ يغمه: قد مسَّه التعب، وبيَّن ذلك قوله فى صفة الشيطان: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} [إبراهيم: 22] .. ولو كان يقدر على أن يخبط لصرفً هِمَّته إلى العلماء والزُهَّاد وأهل العقول، لا إلى مَن يعتريه الضعف. وإذا وسوس ضعف قلب مَن يخصه بالوسوسة فتغلب عليه المرة فيتخبط، كما يتفق ذلك فى كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك لغيرهم".
ويقول فى سورة الناس (ص 385، 386) : "مسألة - وربما قيل فى قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس *مَلِكِ الناس *إلاه الناس *مِن شَرِّ الوسواس الخناس} [الناس: 1-4] : أليس ذلك يدل على أن الشيطان يؤثر فى الإنسان حتى أُمِرنا بأن نتعوَّذ من شره، وأنتم تقولون: إنه لا يقدر على شئ من ذلك؟. وجوابنا: أنه تعالى بيَّن أن هذا الوسواس من الجِنَّة والناس، ومعلوم أن من يوسوس من الناس لا يخبط ولا يُحدِث فيمن يوسوس له تغيير عقل وجسم، فكذلك حال الشيطان، ومع ذلك فلا بد فى وسوستهم من أن يكون ضرر يصح أن يُتعوَّذ بالله تعالى منه، وهذا يدل إذا تأمله المرء على قولنا بأن العبد مختار لفعله، وذلك لأنه تعالى لو كان يخلق كل هذه الأمور فيه لم يكن لهذا التعوُّذ معنى، لأنه إن أراد خلق ما يضره فيه، وخلق المعاصى فيه، فهذا التعوُّذ وجوده كعدمه، وإنما ينفع متى كان العبد مختاراً، فإذا أتى بهذا التعوُّذ كان أقرب إلى أن لا يناله من قِبَلِ الجِنَّة والناس ما كان يناله لولا ذلك".
*
* رؤية الله:
ولما كان المعتزلة لا يجوزِّون وقوع رؤية الله فى الآخرة، فإن صاحبنا قد تخلَّص من كل آية تُجوَّز وقوع الرؤية.
فمثلاً فى سورة يونس يقول فى (ص 159) ما نصه: "مسألة - وربما قيل فى قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] : أليس المراد بها الرؤية على ما روى فى الخبر؟. وجوابنا: أن المراد بالزيادة التفضل فى الثواب، فتكون الزيادة من جنس المزيد عليه، وهذا مروى، وهو الظاهر، فلا معنى لتعلقهم بذلك، وكيف يصح ذلك وعندهم أن الرؤية أعظم من كل الثواب فكيف تُجعل زيادة على الحسنى؟ ولذلك قال بعده: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} [يونس: 26] فبيَّن أن الزيادة هى من هذا الجنس فى الجنَّة".

نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست