responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التصور الفني في القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 228
لاقى الإسلام. على أن التوحيد الذي دعا إليه الإسلام كان توحيدًا تجريديًّا مطلقًا، أمعن في التجريد من كل توحيد قبله؛ فهو أشد معارضا لما وقر في النفوس من التجسيم، والتشبيه من كل أديان التوحيد.
كانت وظيفة القرآن إذن أن ينشئ هذه العقيدة الخالصة المجردة. وموطن العقيدة الخالد هو الضمير والوجدان -موطن كل عقيدة لا العقيدة الدينية وحدها- واقرب الطرق إلى الضمير هو البداهة، وأقرب الطرق إلى الوجدان هو الحس. وما الذهن في هذا المجال إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة؛ وليس هو على أية حال أوسع المنافذ، ولا أصدقها ولا أقربها طريقًا.
وبعض الناس يكبرون من قيمة هذا الذهن في هذه الأيام، بعدما فتن الناس بآثار الذهن في المخترعات والمصنوعات والكشوف. وبعض البسطاء من أهل الدين تبهره هذه الفتنة، فيؤمن بها ويحاول أن يدعم الدين بتطبيق نظرياته على قواعد المنطق الذهني، أو التجريب العلمي!
إن هؤلاء -في اعتقادي- يرفعون الذهن إلى آفاق فوق آفاقه. فالذهن الإنساني خليق بأن يدع للمجهول حصته، وأن يحسب له حسابه. لا يدعو إلى هذا مجرد القداسة الدينية. ولكن يدعو إليه اتساع الآفاق النفسية، وتفتح منافذ المعرفة. "فالمعقول" في عالم الذهن و"المحسوس" في تجارب العلم ليسا هما كل "المعروف" في عالم النفس. وما العقل الإنساني -لا الذهن وحده- إلا كوة واحدة من كوى النفس الكثيرة. ولن يغلق إنسان على نفسه هذه المنافذ، إلا وفي نفسه ضيق، وفي قواه انحسار، لا يصلح بهما للحكم في هذه الشؤون الكبار.

نام کتاب : التصور الفني في القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست