responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 623
بِشَيْءٍ هِيَ كِذْبَةٌ". وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: "هُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ" وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ "هُوَ بِمَنْزِلَةِ الظِّهَارِ" وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "لَيْسَ بِطَلَاقٍ حَتَّى يَنْوِيَ فَإِذَا نَوَى فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِهِ، وَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَيْسَ بِمُولٍ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ جَعَلَ أَصْحَابُنَا التَّحْرِيمَ يَمِينًا إذَا لَمْ تُقَارِنْهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهَا: "وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك" فَيَكُونُ مُولِيًا، وَأَمَّا إذَا حَرَّمَ غَيْرَ امْرَأَتِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مِنْهُ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ مِنْهُ" وَنَحْوَ ذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ثُمَّ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ، فَجَعَلَ التَّحْرِيمَ يَمِينًا، فَصَارَتْ الْيَمِينُ فِي مَضْمُونِ لَفْظِ التَّحْرِيمِ وَمُقْتَضَاهُ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِذَا أَطْلَقَ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا فَيَكُونُ مَا نَوَى، فَإِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ; وَكُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرُكَانَةَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ: "بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً" فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ الثَّلَاثَ كَانَ ثَلَاثًا، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحْلِفْهُ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّلَاثُ بِوُجُودِ اللَّفْظِ وَجَعْلِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ لِلِاحْتِمَالِ فِيهِ، فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ أَنَّا لَا نَجْعَلُهُ طَلَاقًا إلَّا بِمُقَارَنَةِ الدَّلَالَةِ لِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُحْتَمِلَ لِلطَّلَاقِ يَجُوزُ إيقَاعُ الطَّلَاقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا فِي نَفْسِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَوْدَةِ: "اعْتَدِّي" ثُمَّ رَاجَعَهَا فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ: "اعْتَدِّي" لَاحْتِمَالِهِ لَهُ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ مَنَعَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِلَفْظِ التَّحْرِيمِ، وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ: هُوَ يَمِينٌ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ عِنْدَنَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَلَمْ تُقَارِنْهُ دَلَالَةُ الْحَالِ. وَزَعَمَ مَالِكٌ أَنَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا غَيْرَ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَقَدْ اقْتَضَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} مِنْ كَوْنِهِ يَمِينًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إسْقَاطُ مُوجَبِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ كَوْنِ الْحَرَامِ يَمِينًا بِرِوَايَةِ مَنْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْعَسَلَ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ; وَلِأَنَّ مَنْ رَوَى الْيَمِينَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا عَنَى بِهِ التَّحْرِيمَ وَحْدَهُ; إذْ كَانَ التَّحْرِيمُ يَمِينًا وَيَدُلُّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ يَمِينٌ أَنَّ الْمُحَرِّمَ لِلشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ قَدْ اقْتَضَى لَفْظُهُ إيجَابَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ كَالْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى النَّذْرِ وَقَوْلُ الْقَائِلِ: "لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَفْعَلَ ذَلِكَ"، فَلَمَّا كَانَ النَّذْرُ يَمِينًا بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ فَتَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا حَنِثَ كَمَا تَجِبُ في النذر.
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 623
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست