responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 231
قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} يُقَالُ: إنَّ التَّحِيَّةَ لِلْمُلُوكِ كَانَتْ السُّجُودَ وَقِيلَ: إنَّهُمْ سَجَدُوا لِلَّهِ شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ الِاجْتِمَاعِ مَعَ يُوسُفَ عَلَى الْحَالِ السَّارَّةِ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ التَّعْظِيمَ لِيُوسُفَ، فَأَضَافَ السُّجُودَ إلَى يُوسُفَ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ: "صَلَّى لِلْقِبْلَةِ " وَ "صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ " يَعْنِي إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. وَقَوْلُ يُوسُفَ: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ} يَعْنِي سُجُودَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ فَكَانَ السُّجُودُ فِي الرُّؤْيَا هُوَ السُّجُودُ فِي الْيَقَظَةِ، وَكَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ أَبَوَيْهِ وَإِخْوَتَهُ وَيُقَالُ فِي قوله: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} إنَّ أُمَّهُ كَانَتْ مَاتَتْ وَتَزَوَّجَ خَالَتَهُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ السُّدِّيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ إِسْحَاقَ: "كَانَتْ أُمُّهُ بَاقِيَةً" وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ: كَانَتْ الْمُدَّةُ بَيْنَ الرُّؤْيَا وَبَيْنَ تَأْوِيلِهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً"، وَعَنْ الْحَسَنِ: كَانَتْ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: "ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً " فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ صَادِقَةً فَهَلَّا تَسَلَّى يَعْقُوبُ بِعِلْمِهِ بِوُقُوعِ تَأْوِيلِ رُؤْيَا يُوسُفَ قِيلَ لَهُ: لِأَنَّهُ رَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ، وَقِيلَ لِأَنَّ طُولَ الْغَيْبَةِ عَنْ الْحَبِيبِ يُوجِبُ الْحُزْنَ كَمَا يُوجِبُهُ مَعَ الثِّقَةِ بِالِالْتِقَاءِ فِي الْآخِرَةِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} يَعْنِي: وَكَمْ مِنْ آيَةٍ فِيهِمَا لَا يُفَكِّرُونَ فِيهَا وَلَا يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ. وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِآيَاتِهِ وَدَلَائِلِهِ وَالْفِكْرِ فِيمَا يَقْتَضِيه مِنْ تَدْبِيرِ مُدَبِّرِهَا الْعَالِمِ بِهَا الْقَادِرِ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا يُشْبِهُهَا، وَذَلِكَ فِي تَدْبِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالرِّيَاحِ وَالْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ وَالنِّتَاجِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْحَوَاسِّ وَمُدْرَكٌ بِالْعِيَانِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ:"وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاَللَّهِ فِي إقْرَارِهِ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إلَّا وَهُوَ مُشْرِكٌ بِعِبَادَةِ الْوَثَنِ". وَقَالَ الْحَسَنُ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مَعَهُمْ شِرْكٌ وَإِيمَانٌ". وَقِيلَ: "مَا يُصَدِّقُونَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ إلَّا وَهُمْ يُشْرِكُونَ الْأَوْثَانَ فِي الْعِبَادَةِ".
وَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مَعَ الْيَهُودِيِّ إيمَانًا بِمُوسَى وَكُفْرًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ لَا يَتَنَافَيَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَيَكُونُ فِيهِ كُفْرٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِيمَانٌ مِنْ وَجْهٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى جِهَةِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُؤْمِنِ وَاسْتِحْقَاقِ ثَوَابِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِيهِ الْكُفْرُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة:85] قَدْ أَثْبَتَ لَهُمْ الْإِيمَانَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَالْكُفْرَ بِبَعْضٍ آخَرَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ كُفْرٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِيمَانٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَجْتَمِعَ لَهُ
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست