responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 584
[النساء: 5] ، وَرَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ بِهِ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ: "إنْ ذَهَبَ حَقُّهُ لَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ دَعَا عَلَيْهِ لَمْ يُجَبْ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ اللَّهِ وَأَمْرَهُ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} يَعْنِي: وَأُشْهِدُوا عَلَى حُقُوقِكُمْ إذَا كَانَ فِيهَا أَجَلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَجَلٌ، فَأَشْهِدْ عَلَى حَقِّك عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سُئِلَ عَطَاءٌ: أَيُشْهِدُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ بَايَعَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ تَأْوِيلُ قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} . وَرَوَى مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: "يُشْهِدُ لَوْ عَلَى دَسْتَجَةِ بَقْلٍ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ: "إنْ شَاءَ أَشْهَدَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشْهِدْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} " وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا بَاعَ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ"، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ نَدْبًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَتْ الْكِتَابَةُ مَعَ الْإِشْهَادِ; لِأَنَّهُمَا مَأْمُورٌ بِهِمَا فِي الْآيَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْلُو قَوْله تَعَالَى: {فَاكْتُبُوهُ} إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِلْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ الْآجِلَةِ فِي حَالِ نُزُولِهَا، وَكَانَ هَذَا حُكْمًا مُسْتَقِرًّا ثَابِتًا إلَى أَنْ وَرَدَ نَسْخُ إيجَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ، أَوْ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْجَمِيعِ مَعًا; فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَارِ الْإِيجَابَ لِامْتِنَاعِ وُرُودِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مَعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ الْحُكْمِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ. وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا تَارِيخُ نُزُولِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ مِنْ قَوْله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} وَجَبَ الْحُكْمُ بِوُرُودِهِمَا مَعًا، فَلَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِالْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ إلَّا مَقْرُونًا بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ نَدْبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ آيَةَ الدَّيْنِ مُحْكَمَةٌ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ، لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ رَأَى الْإِشْهَادَ وَاجِبًا; لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْجَمِيعَ وَرَدَ مَعًا، فَكَانَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ مَا أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ نَدْبًا، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} . وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُشْهِدُ، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الْقَلِيلِ; كُلِّهِ عِنْدَنَا أَنَّهُمْ رَأَوْهُ نَدْبًا لَا إيجَابًا. وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى: "ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: أَحَدُهُمْ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْهِدْ" فَلَا دَلَالَةَ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ وَاجِبًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ مَعَهُ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا؟ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا; وَإِنَّمَا هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ تَارِكٌ لِلِاحْتِيَاطِ وَالتَّوَصُّلِ إلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِيهِ الْمَخْرَجَ وَالْخَلَاصَ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الأمر
نام کتاب : احكام القران للجصاص - ط العلميه نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 584
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست