responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القران نویسنده : ابن العربي، محمد بن عبدالله    جلد : 2  صفحه : 575
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَالُوا عَلَيْهِ: إنَّهُ كَانَ يُعْطِينَا عِوَضًا عَنْهَا التَّطْهِيرَ، وَالتَّزْكِيَةَ لَنَا، وَالصَّلَاةَ عَلَيْنَا، وَقَدْ عَدِمْنَاهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَنَظَمَ فِي ذَلِكَ شَاعِرُهُمْ فَقَالَ:
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ... فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرٍ
وَإِنَّ الَّذِي سَأَلُوكُمْ فَمَنَعْتُمْ ... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَحْلَى لَدَيْهِمْ مِنْ التَّمْرِ
سَنَمْنَعُهُمْ مَا دَامَ فِينَا بَقِيَّةٌ ... كِرَامٌ عَلَى الضَّرَّاءِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ
وَهَذَا صِنْفٌ مِنْ الْقَائِمِينَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً، وَغَيْرُهُمْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَأَنْكَرَ النُّبُوَّةَ، وَسَاعَدَ مُسَيْلِمَةَ، وَأَنْكَرَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
وَفِي هَذَا الصِّنْفِ الَّذِي أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ، وَأَنْكَرَ الزَّكَاةَ وَقَعَتْ الشُّبْهَةُ لِعُمَرَ حِينَ خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي قِتَالِهِمْ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِقَبُولِ الصَّلَاةِ مِنْهُمْ وَتَرْكِ الزَّكَاةِ، حَتَّى يَتَعَهَّدَ الْأَمْرَ، وَيَظْهَرَ حِزْبُ اللَّهِ، وَتَسْكُنَ سَوْرَةُ الْخِلَافِ؛ فَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْحَقِّ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ فِي الْمَالِ، وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ عُمَرُ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْت أَنَّهُ الْحَقُّ.
وَبِهَذَا اعْتَرَضَتْ الرَّافِضَةُ عَلَى الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: عَجِلَ فِي أَمْرِهِ، وَنَبَذَ السِّيَاسَةَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَأَرَاقَ الدِّمَاءَ.
قُلْنَا: بَلْ جَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَهَدْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَالْقُرْآنَ يَسْتَنِيرُ بِهِ، وَالسِّيَاسَةَ تُمَهِّدُ سُبُلَهَا فَإِنَّهُ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
وَصَدَقَ الصِّدِّيقُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] ؛ فَشَرْطُهُمَا، وَحَقَّقَ الْعِصْمَةَ بِهِمَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ حِينَ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ: فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إلَّا بِحَقِّهَا» .
وَالزَّكَاةُ حَقُّ الْمَالِ، فَالصَّلَاةُ تَحْقِنُ الدَّمَ، وَالزَّكَاةُ تَعْصِمُ الْمَالَ.
نام کتاب : أحكام القران نویسنده : ابن العربي، محمد بن عبدالله    جلد : 2  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست