قوله عزَّ وجلَّ: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)
قد شَرَحْنَا ما جاء في (الم)، وقُرِئَتْ غُلِبَتْ بضم الغَيْنِ.
وقرأ أبو عَمْرٍو (غَلَبَتْ) - بفتح الغَيْن - والمعنى على غُلِبَتْ.
وهي إجماع القراء.
وذلك أن فارِسَ كانت قد غَلَبَتِ الروم في ذلك الوَقتِ، والروم مغلوبة.
فالقراءة غُلِبَتْ.
* * *
وقوله: (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)
قيل في أطراف الشام، وتأويله أدنى الأرض مِنْ أَرْض العَرَبِ.
وقوله: (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ).
هذه من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند اللَّه، لأنه أَنْبَأ
بما سيكون، وهذا لا يعلمه إلا اللَّه - عزَّ وجلَّ - وكان المشركون سُرُّوا
بأن غَلَبَتْ فَارِس الرُّومَ، وَذَلِكَ لأنَّهم قالوا: إنكُمْ أيها المسلمون
تَزْعَمُونَ بأنكُمْ تُنْصَرون بأنكم أهلُ كتاب، فقد غَلَبَتْ فَارِس الرومَ.
وفارس ليست أهل كتاب، والروم أهل كتابٍ، فكذلك سنغلبكم نحن.
فأَعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أَن الرومَ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِين، وسَيُسَرُّ
المسلمُونَ بِذَلِكَ فراهَنَ المُسْلِمُونَ المُشْرُكين وبايعوهم على صحة هذا
الخبر.
والبِضْعُ ما بين الثلاث إلى التِسْع، فلما مضى بعض البضْع
نام کتاب : معاني القران واعرابه نویسنده : الزجاج جلد : 4 صفحه : 175