responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 466
بِالسُّجُودِ وَضْعَ الْجِبَاهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا هُوَ الِانْحِنَاءُ وَالتَّوَاضُعُ. وَقِيلَ: وَضَعُوا الْجِبَاهَ عَلَى الْأَرْضِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّحِيَّةِ وَالتَّعْظِيمِ، لَا عَلَى طَرِيقِ الْعِبَادَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فَنُسِخَ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ خَرُّوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سُجَّدًا بَيْنَ يَدَيْ يُوسُفَ. وَالْأَوَّلُ أصح. {وَقَالَ} [يوسف: 100] يُوسُفُ عِنْدَ ذَلِكَ،؟ {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: 100] وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: 100] رَبِّي، أَيْ: أَنْعَمَ عليَّ، {إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100] وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْجُبِّ مَعَ كَوْنِهِ أَشَدَّ بَلَاءً مِنَ السِّجْنِ اسْتِعْمَالًا لِلْكَرَمِ لِكَيْلَا يَخْجَلَ إِخْوَتُهُ بعد ما قَالَ لَهُمْ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] وَلِأَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ السِّجْنِ أَعْظَمُ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْجُبِّ صَارَ إِلَى الْعُبُودِيَّةِ وَالرِّقِّ، وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ صَارَ إِلَى الْمُلْكِ، وَلِأَنَّ وُقُوعَهُ فِي الْبِئْرِ كَانَ لحسد إخوته وفي السجن كان مُكَافَأَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِزَلَّةٍ كَانَتْ مِنْهُ. {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100] وَالْبَدْوُ بَسِيطٌ مِنَ الْأَرْضِ يَسْكُنُهُ أَهْلُ الْمَوَاشِي بِمَاشِيَتِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ بادية ومواشي، يُقَالُ بَدَا يَبْدُو إِذَا صَارَ إِلَى الْبَادِيَةِ. {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ} [يوسف: 100] أَفْسَدَ، {الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100] بالحسد والبغض، {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ} [يوسف: 100] أَيْ: ذُو لُطْفٍ، {لِمَا يَشَاءُ} [يوسف: 100] وقيل: معناه لمن يَشَاءُ. وَحَقِيقَةُ اللَّطِيفِ الَّذِي يُوصِلُ الْإِحْسَانَ إِلَى غَيْرِهِ بِالرِّفْقِ {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 100] فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِيُوسُفَ شَمْلَهُ عَلَى أَنَّ نَعِيمَ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى حُسْنَ الْعَاقِبَةِ فَقَالَ:
[101] {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} [يوسف: 101] يَعْنِي مُلْكَ مِصْرَ، وَالْمُلْكُ: اتِّسَاعُ الْمَقْدُورِ لِمَنْ لَهُ السِّيَاسَةُ وَالتَّدْبِيرُ. {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 101] يعني: تعبير الرؤيا. {فَاطِرَ} [يوسف: 101] أي: يا فاطر، {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يوسف: 101] أي: خالقهما {أَنْتَ وَلِيِّي} [يوسف: 101] أَيْ: مُعِينِي وَمُتَوَلِّي أَمْرِي، {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [يوسف: 101] يَقُولُ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ مُسْلِمًا، {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] يريد بآبائي النبيين.
[102] {ذَلِكَ} [يوسف: 102] الَّذِي ذَكَرْتُ {مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ} [يوسف: 102] أَيْ: مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ عِنْدَ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ، {إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} [يوسف: 102] أَيْ: عَزَمُوا عَلَى إِلْقَاءِ يُوسُفَ في الجب، {وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف: 102]
[103] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ} [يوسف: 103] يَا مُحَمَّدُ، {وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] عَلَى إِيمَانِهِمْ. وَرُوِيَ أَنَّ الْيَهُودَ وَقُرَيْشًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَلَى مُوَافَقَةِ التَّوْرَاةِ لَمْ يُسْلِمُوا، فَحَزِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وإن حرصت على إيمانهم.

[قوله تعالى وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا] ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. . . .
[104] {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ} [يوسف: 104] أَيْ: عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، {مِنْ أَجْرٍ} [يوسف: 104] جعل وجزاء، {إِنْ هُوَ} [يوسف: 104] مَا هُوَ يَعْنِي الْقُرْآنَ، {إِلَّا ذِكْرٌ} [يوسف: 104] عظة وتذكير {لِلْعَالَمِينَ} [يوسف: 104]
[105] {وَكَأَيِّنْ} [يوسف: 105] وكم، {مِنْ آيَةٍ} [يوسف: 105] عِبْرَةٍ وَدَلَالَةٍ، {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105] لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا وَلَا يَعْتَبِرُونَ بِهَا.
[106] {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] فَكَانَ مِنْ إِيمَانِهِمْ إِذَا سُئِلُوا: مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالُوا: اللَّهُ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: مَنْ يُنْزِلُ الْقَطْرَ؟ قَالُوا: اللَّهُ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَيُشْرِكُونَ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَلْبِيَةِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هَذَا فِي الدُّعَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ نَسُوا رَبَّهُمْ فِي الرَّخَاءِ، فَإِذَا أَصَابَهُمُ الْبَلَاءُ أَخْلَصُوا فِي الدُّعَاءِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس: 22]

نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست