responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 448
لَقُمْتُ، وَقِيلَ: هَمَّتْ بِيُوسُفَ أَنْ يَفْتَرِشَهَا، وَهَمَّ بِهَا يُوسُفُ أَيْ: تَمَنَّى أَنْ تَكُونَ لَهُ زَوْجَةً، وَهَذَا التَّأْوِيلُ وَأَمْثَالُهُ غَيْرُ مُرْضِيَةٍ؛ لِمُخَالَفَتِهَا أَقَاوِيلَ الْقُدَمَاءِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الذين أخذ عَنْهُمُ الدِّينُ وَالْعِلْمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي فَعَلَهُ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ، وَالصَّغَائِرُ تَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السلام، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَقَائِقِ: الْهَمُّ هَمَّانِ: هَمُّ ثَابِتٌ، وَهُوَ إِذَا كان معه عزم وعقد ورضى، مِثْلُ هَمِّ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، وَالْعَبْدُ مَأْخُوذٌ بِهِ، وَهَمٌّ عَارِضٌ، وَهُوَ الْخَطْرَةُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلَا عَزْمٍ، مِثْلُ هَمِّ يوسف عليه السلام، والعبد غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ مَا لَمْ يتكلم أو يعمل. {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24] اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْبُرْهَانِ، قَالَ قَتَادَةُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهُ رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ يَا يُوسُفُ تَعْمَلُ عَمَلَ السُّفَهَاءِ، وَأَنْتَ مَكْتُوبٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: نُودِيَ: يَا يُوسُفُ تُوَاقِعُهَا إِنَّمَا مَثَلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مَثَلُ الطَّيْرِ فِي جَوْفِ السَّمَاءِ لَا يُطَاقُ، وَمَثَلُكَ إِنْ تُوَاقِعْهَا مثله إذا مات ووقع في الْأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ نفسه، وَرَوَى عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الْبُرْهَانِ أَنَّهُ رَأَى مِثَالَ الْمَلِكِ، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الْبُرْهَانُ النُّبُوَّةُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ فِي صَدْرِهِ حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: كَانَ فِي الْبَيْتِ صَنَمٌ فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ وَسَتَرَتْهُ بِثَوْبٍ، فَقَالَ لَهَا يُوسُفُ: لِمَ فَعَلْتِ هَذَا؟ فَقَالَتِ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ أَنْ يَرَانِي عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَقَالَ يُوسُفُ: أَتَسْتَحِينَ مِمَّا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَفْقَهُ؟ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي وَهَرَبَ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24] جَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ لَوَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ.
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: 24] فَالسُّوءُ الْإِثْمُ، وَقِيلَ: السُّوءُ الْقَبِيحُ، وَالْفَحْشَاءُ: الزِّنَا. {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (الْمُخْلَصِينَ) بِفَتْحِ اللَّامِ حَيْثُ كَانَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ ذِكْرُ الدِّينِ، زَادَ الْكُوفِيُّونَ (مُخْلَصًا) فِي سُورَةِ مريم عليها السلام فَفَتَحُوا، وَمَعْنَى (الْمُخْلَصِينَ) الْمُخْتَارِينَ لِلنُّبُوَّةِ، دليله: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص: 46] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيِ: الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ.
[25] {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف: 25] وَذَلِكَ أَنْ يُوسُفَ لَمَّا رَأَى الْبُرْهَانَ قَامَ مُبَادِرًا إِلَى بَابِ الْبَيْتِ هَارِبًا، وَتَبِعَتْهُ الْمَرْأَةُ لِتَمْسِكَ الْبَابَ حَتَّى لَا يَخْرُجَ يُوسُفُ، فَسَبَقَ يُوسُفُ وَأَدْرَكَتْهُ الْمَرْأَةُ فَتَعَلَّقَتْ بقميصه خَلْفِهِ فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا حَتَّى لَا يخرج. {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ} [يوسف: 25] أي: فشقته {مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 25] أَيْ: مِنْ خَلْفٍ، فَلَمَّا خَرَجَا لَقِيَا الْعَزِيزَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25] أَيْ: وَجَدَا زَوْجَ الْمَرْأَةِ قِطْفِيرَ عِنْدَ الْبَابِ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَمٍّ لِرَاعِيلَ فَلَمَّا رَأَتْهُ هَابَتْهُ و {قَالَتْ} [يوسف: 25] سَابِقَةً بِالْقَوْلِ لِزَوْجِهَا {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} [يوسف: 25] يَعْنِي: الزِّنَا، ثُمَّ خَافَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ {إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ} [يوسف: 25] أَيْ: يُحْبَسَ، {أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف: 25] أَيْ: ضَرْبٌ بِالسِّيَاطِ، فَلَمَّا سَمِعَ يُوسُفُ مَقَالَتَهَا.
[26] {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} [يوسف: 26] يَعْنِي: طَلَبَتْ مِنِّي الْفَاحِشَةَ فَأَبَيْتُ وفررت منها، وَقِيلَ: مَا كَانَ يُرِيدُ يُوسُفُ أن يذكرها، فَلَمَّا قَالَتِ الْمَرْأَةُ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ذَكَرَهُ، فَقَالَ: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} [يوسف: 26] {وَشَهِدَ شَاهِدٌ} [يوسف: 26] وحكم حاكم، {مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: 26] اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تَكَلَّمَ في المهد أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ،» وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ ابن خال [1] .

[1] رواه ابن جرير 16 / 55 والإمام أحمد في المسند 2 / 307 ولم يرفعه وابن حبان في صحيحه ص40 من موارد الظمآن، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة 2 / 497 وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه محمود شاكر في تعليقه على الطبري.
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست